نون والقلم

بهاء ابوشقة يكتب: صفات القلب عند «ابن القيم»

مازال الحديث متواصلا مع ابن القيم الجوزية، الذى يعد عالماً من علماء المسلمين الذين أثروا العلم والأدب والفقه الإسلامى بروائع من المؤلفات والكتب التى كانت ومازالت كنزاً ثميناً للباحثين عن العلوم الإسلامية بشتى أنواعها، فقد كتب فى السير والتاريخ واللغة والطب النبوى وغيرها، كما اشتهر ابن القيم بمعرفته لمعانى القرآن والسنة بشكل واسع وعميق.

لقد كان للفتاوى أثر كبير فى حياة ابن القيم، وأدى الامتحان عدة مرات بسبب الفتاوى فى مواضيع كثيرة أبرزها على الإطلاق، مسألة الطلاق الثلاث بلفظة واحدة، وجواز السابقة بدون محلل، وفتاوى أنكر فيها الذهاب وشد الرحال الى قبر النبى إبراهيم عليه السلام، ومسألة الشفاعة والتوسل وطلب الاسترحام من الأنبياء.
وقد اشتهر ابن القيم بكتبه التى باتت عنصراً أساسياً فى قسم العلوم الدينية فى أى مكتبة باعتبارها مرجعاً أساسياً فى علوم الدين ومن أشهر كتبه بدائع الفوائد، والتبيان فى أقسام القرآن وتحفة المودود بأحكام المولود، والجواب الكافى لمن سأل عن الدواء الشافى أو الداء والدواء وهادى الأرواح فى بلاد الأفراح وروضة المحبين ونزهة المشتاقين والروح، وزاد المعاد فى هدى خير العباد وعدة العابدين وذخيرة الشاكرين والفوائد والكافية الشافية فى النحو، ومدارج السالكين.

ومن أشهر أقوال ابن القيم، إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها، وما ضرب عبد بعقوبة، أعظم من قسوة القلب، وإذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله فانظر محبة القرآن من قلبك، وكن فى الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيباً وإن أطعمت أطعمت طيباً، وإن سقطت على شىء لم تكسره ولم تخدشه، وتواترت عنه أقوال مثل: إن فى القلب شعثا لا يلمه إلا الإقبال على الله وعليه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به فى خلوته، وفيه حزنا لا يذهبه الا السرور لمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلقا لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه، وفيه نيرانا حسرات لا يطفئها الا الرضا بأمره ومعانقة الصبر على ذلك الى وقت لقائه، وفيه طلبا شديدا لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والاخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً.

ومما يدل أيضاً على سعة علمه رحمه الله، وأنه من الفلاسفة الذين غيروا التاريخ على وجه الأرض أنه ـ رضى الله عنه ـ كان دائرة معارف تمشى على رجلين، وألف كتباً وهو فى سفره بعيداً عن داره، ومكتبته وهى مفتاح دار السعادة ومنشور ألوية العلم والإرادة وتهذيب سنن أبى داوود والفروسية ومذهب ابن القيم حنبلى كأسلافه، ونبذ التعصب فى الرأى والفكر وعمل بالإمامة والتدريس وتأليف الكتب كما أوردنا جانباً منها سالفاً.

وللحديث بقية

رئيس حزب الوفد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى