الجميع شاهد وسمع بثورة السترات الصفراء التي نتجت بسبب احتجاجات شعبية ظهرت في شهر أيار2018 ثم زادت شهرتها وقوتها بحلول شهر تشرين الثاني من نفس العام حيث تمكنت من إشعال فتيل المظاهرات في فرنسا والتي انتشرت بسرعة إلى بعض الدول الأوربية، وخرجت حركة السترات الصفراء في البداية للتنديد بارتفاع أسعار الوقود وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة ثم امتدت مطالبها لتشمل اسقاط الإصلاحات الضريبية التي سنتها الحكومة الفرنسية والتي ترى الحركة أنها تستنزف الطبقتين العاملة والمتوسطة فيما تقوي الطبقة الغنية، دعت الحركة منذ البداية إلى تخفيض قيمة الضرائب على الوقود، ورفع الحد الأدنى للأجور ثم تطورت الأمور فيما بعد لتصل إلى حد المناداة باستقالة رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، وفي بداية شهر كانون الأول من عام 2018 أصبح رمز السترات الصفراء شائعًا على نحو متزايد في بعض دول الاتحاد الأوروبي…
وطبعا كان سبب التسمية هو اختارت الحركة السترة الصفراء كرمز مميز لها باعتبار أن القانون الفرنسي يفرض منذ عام 2008 على جميع سائقي السيارات حمل سترات صفراء داخل سياراتهم عند القيادة كإجراء وقائي حتى يظهر للعيان في حالة اضطرار السائق الخروج من السيارة لسبب ما والانتظار على جنبات الطريق، ونتيجة لذلك فقد أصبحت السترات الصفراء رمزا للحركة خاصة أنها متاحة على نطاق واسع وغير مكلفة كما تحمل في الوقت ذاته عددا من الرموز….
ومن خلال نشاط هذه الحركة وإتساع رقتعها ابتداءً من فرنسا حتى وصلت بعض الدول الأوربية وهي في طور الإتساع بصورة أكبر، فهذا يدل على إن الأنظمة المادية وخصوصًا الرأسمالية قد فشلت فشلًا ذريعًا في اعطاء الفهم الحقيقي للحياة لأن فهمها وفسلفتها محصورة على الفهم المادي وهذا ما أدى إلى تكوين طبقة غنية على حساب الطبقات الفقيرة، حيث إن النظام الرأسمالي اعطى حرية كاملة للأفراد وبشكل غير مقيد بقيود أو مقنن بحيث يحفظ حقوق الآخرين …
وهذا ما بينه المحقق الصرخي في كتابه ( فلسفتنا – باسلوب وبيان واضح ) حيث يقول (( الحرية الاقتصادية تنتج ثراء فاحشا وأكثرية مسحوقة وليت الامر وقف عند هذا الحد ……… بل ان الامر تفاقم واشتد حين برزت المسألة الاقتصادية من هذا النظام …….. واجازت مختلف اساليب الثراء وألوانه مهما كان فاحشا ومهما كان شاذا في طريقته واسبابه وضمنت تحقيق ما اعلنت عنه …….)) انتهى الاقتباس من كلام المحقق الصرخي ….
والواقع الذي دفع بحكرة السترات الصفراء إلى الظهور وبهذا الشكل هو بروز طبقة غنية فاحشة الثراء على حساب البسطاء من الناس فرفع مستوى الضريبة واسعار المحروقات أحرق الناس المساكين بالغ في فقرهم وزاد ثراء الشخصيات والشركات والمؤسسات التي أوجدها النظام الرأسمالي وأعطاها الحرية المطلقة في استخدام أساليب الكسب والربح…..
رابط تحميل أو مطالعة الكتاب (فلسفتنا – بإسلوب وبيان واضح ) لمن يحب أن يطلع عليه :
