في 22 كانون ثاني 2015، توصلت التيارات السياسية الفاعلة لدى الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48: اليساري والإسلامي والقومي، إلى اتفاق سياسي برنامجي نوعي متقدم لخوض انتخابات البرلمان الإسرائيلي، بقائمة سياسية وكتلة برلمانية واحدة، من الأحزاب الأربعة: 1- الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، 2- التجمع الوطني الديمقراطي، 3- أحد جناحي الحركة الإسلامية، 4- الحركة العربية للتغيير، وكان بحوزتهم 11 مقعداً في دورة البرلمان السابقة، وبفعل هذا التحالف، نجحت « القائمة المشتركة البرلمانية» وفازت بـ 13 مقعداً، مع فائض أصوات إضافية وصلت إلى ثمانية الاف صوتاً، في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 17/3/2015، وكان ذلك تعبيراً وانحيازاً من شعبنا الفلسطيني أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وتقديرهم لعامل الوحدة ودعماً لها .
في ذلك الوقت اضطر قادة الأحزاب الأربعة، مرغمين، لخوض الانتخابات البرلمانية موحدين بقائمة برلمانية مشتركة، لأن البرلمان الإسرائيلي وحكومة نتنياهو وبمبادرة من الوزير العنصري ليبرمان، رفع نسبة الحسم لدخول عتبة البرلمان، بما لا يقل عن نسبة 3.25 بالمائة كحد أدنى لحصول كل قائمة من عدد المصوتين، وغير ذلك، وأقل من ذلك، تفقد القائمة كافة الأصوات الانتخابية التي حصلت عليها، مما أرغم القوائم العربية لخوض الانتخابات موحدين بقائمة مشتركة، رداً على محاولات متعمدة لأبعاد القوائم العربية عن البرلمان كشكل من أشكال الكفاح الجماهيري والمدني والسياسي في مواجهة العنصرية والتمييز، ويعود الفضل في هذا الإنجاز إلى الثلاثي : 1- المرحوم الراحل الشيخ عبد الله نمر درويش مؤسس الحركة الإسلامية في الداخل، 2- القائد الوطني محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48، 3 – النائب جمال زحالقة رئيس التجمع الوطني، وإستجابة النائب أحمد الطيبي لهم وتحالف معهم.
خطوة نوعية متقدمة عززت الثقة بالنفس وقدمت نموذجاً متقدماً للوحدة ضد التمييز والعنصرية، ولكن نتائجها السياسية لم تقتصر على نجاح القائمة المشتركة وحصولها على ثلاثة عشر مقعداً موزعين على الأحزاب الأربعة، بل تعدى ذلك إلى تحقيق مظاهر سياسية عميقة شكلت أرضية سياسية وتحول نوعي نحو المستقبل:
أولاً: كانت المرة الأولى في تاريخ الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية خوض الوسط العربي الفلسطيني بقائمة مشتركة، وخاصة التحالف والتفاهم وإتساع القواسم المشتركة ما بين اليساريين والشيوعيين من طرف مع الحركة الإسلامية من طرف أخر، وهذا مظهر رُقي وحضاري، أعطى نتائج وطنية في غاية الأهمية.
ثانياً: وبنفس القيمة السياسية المتقدمة لأول مرة، يقبل أطراف التحالف الإسلامي والقومي في أن يكون معهم مرشحاً يهودياً من الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية هو النائب دوف حنين، وكان موقعه متقدم مضمون في القائمة، الموقع الثامن، وهي دلالة وعي نحو تعزيز الخيار الفلسطيني في كسب إنحيازات يهودية إسرائيلية لصالح برنامجهم الوطني وعدالة مطالبهم في المساواة.
ثالثاً: بفعل كسر حاجز القطيعة بين الأطراف السياسية الفاعلة لدى الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48، وبفعل نجاح القائمة المشتركة طوال السنوات الأربعة، رغم التباينات الفكرية والخلافات السياسية، قررت التيارات السياسية الثلاثة خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة يوم 9/4/2019، بقائمة مشتركة ثانية عاكسة قناعاتها وأهميتها وأثارها السياسية والوطنية، وهو ما سوف نرى نتائجها بعد الانتخابات.