نون والقلم

حادثة منى.. تألّمنا ولكن..!

الخميس الماضي شاءت الأقدار أن تتحوّل فرحة العيد في صباحه؛ إلى حُزنٍ يعمّنا جميعًا في ظهيرته، بعد واقعة التدافع في (مشعَر مِنى) التي راح ضحيتها (717) حاجًّا، وأصيب على إثرها 863 آخرون، ندعو الله تعالى أن يرحم الذين استشهدوا، ويتقبلهم عنده، وأن يَرزقنا ويرزق ذويهم الأجر والصبر والسلوان، كما ندعوه تبارك وتعالى أن يُعَجِّل في شفاء المصابين، ليعودوا لأوطانهم سالمين غانمين بإذن الله.
وهنا.. نعم تألّمنا، ونعم ستكشف التحقيقات أسباب الحادثة وحقائقها؛ فلا يجب أن نستعجل في إصدار الأحكام، ومِن ثَمّ جَلْد الذات، ولا أن ننساق وراء بعض الأصوات التي دائمًا ما تصطاد في الماء العَكِر، للطّعن في قدرات بلادنا، ومحاولة تَقْزِيم ما تُقدِّمه من إمكانات وجهود لراحة ضيوف الرحمن؛ فكم مِن حوادث مماثلة وقعت في ملاعب رياضية عالمية، حضورها لا يتجاوز (100 ألف مُشجِّع).
(حادثة التدافع في مِنَى)، وإن كانت مؤلمة، إلاَّ أنها لا تُقلِّل أبدًا من نجاح (أبناء السعودية) في إدارة حُشود الحَجّ، وتقديم الخدمات المتنوِّعة والمتكاملة لها بأريَحِيَّة، ودون كَلَل أو مَلَل. ففي (أيام الحَجّ) يجتمع ما يُقُارِب أو ربما أحيانًا يزيد على (3 ملايين) إنسان، تختلف لغاتهم وثقافاتهم، والبيئات التي وَفَدوا منها، يجتمعون في مكانٍ محدود المساحة، صَعْب التضاريس، ويؤدّون المناسك نفسها في زمنٍ واحد أو متقارب!
وتحريك تلك الجموع أُجزم بأنه يتجاوز كل النظريات التي يحتضنها عِلم وفَنّ إدارة الحشود، وتبدو مُهمّة عسيرة المنال، لكن الواقع يشهد بأن المؤسسات الحكومية السعودية ذات العلاقة، ومعها المؤسسات المدنية التطوعيّة بشبابها وفتياتها؛ ورغم الظروف الاقتصادية والأمنية المرتبكة التي اجتاحت المنطقة خلال السنوات الماضية، إلاَّ أنّها استطاعت بالإصرار والإخلاص والتدريب، والإفادة من العِلم وتقنيات العصر، أن تنجح -ولله الحمد- في قيادة سفينة الحجّ لشاطئ وبَرِّ الأمان في كافة المجالات، الأمنية والمعيشية والصحية؛ حيث حَيّدَت الحَج ونأت به عن رواسب وآثار الصراعات السياسية والفكرية.
(السعودية).. وبعيدًا عن تلك الحادثة المفاجئة أصبحت (رائدة وبَيْتَ خِبْرةٍ في إدارة الحشود وخدمتها).. يقول الكوماندز البريطاني في (اسكوتلانديارد) مقدوم تشيسي، كما نَقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية في أكتوبر 2012م: (السعودية تستحق الميدالية الذهبية في إدارة تنظيم الحشود، وتوجيه تلك الكُتل البشرية)!
فشكرًا لكل القائمين والساهرين من أجل راحة ضيوف الرحمن، شكرًا لهم فَردًا فردًا، فبهم نفتخر، وعطاءاتهم اللامحدودة تاجٌ على رؤوسنا، وقد دعاهم الملك سلمان -يحفظه الله- بمراجعة الخطط والآليات، التي تتعلّق بضبط حركة ومسار الحجيج. حيث إن المتغيّرات كثيرة، ومَهْر النجاح الدائم، المراجعة والتطوير بمختلف أدواته.

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى