جلس أمامها وهو يبتسم لتمتماتها وكلماتها التى تخرج من فمها بسرعة، يفكر فى سذاجته التى يحب أن يعيش لحظاتها ببساطة وخبث العليم ببواطن الامور، يبحث فى جيبه عن نقود «فكة» ليدسها فى يد «الغجرية»، بعد أن تنتهى من اللعب بأفكاره.
قالت له السيدة السمراء بملابسها الريفية أو قل البدوية وحتى السيناوية أو الصعيدية، فكل المناطق مثلتها تلك «الغجرية» بملابسها التقليدية، لدرجة لا تستطيع معها أن تحدد وجهتها، وعما إذا كانت ريفية أو عريشية.
فتحت كف يده، وقالت له: «إسمع كلامى، هتتجوز تانى، انت يا شاب تعبان مع مراتك! صح ولا غلط؟ وبتفكر فى واحدة بيضاء وصغيرة عليك حبتين؟ صح ولا غلط؟ هي بتشغالك بس لسه بتلعب معاك لعبة الدلال، سايباك ياعين أمك حيران، صح ولا غلط».
نظرت في عينه بمراوغة، وأكملت: «انت أمك دعيالك، ماتت من سنين وقالت لك متخفش من بكرة، صح ولا غلط؟ بس انت طيب وغلبان، عاوز تعيش الحب رغم كل عكوسات الزمان، شقيان يا ولداه، وليلك نهار، صح ولا غلط؟ هات نفحتك ياغلبان، وسيبنى أتوه فى متاهة الزمان، أشوف البخت لإبن أدم، فالجميع تعبان! بنات ورجال، البنات بتطلب الستر والقسمة والنصيب والشباب فاكر انه هيهرب من قضاه».
دس لها ورقة من الفئات الصغيرة، تركته شاردًا وحائرًا، أفكاره تصارع بعضها، قال لنفسه: «يعنى أنا أعمل إية دلوقتى؟ أتجوز تانى؟ هو أنا أصلًا أتجوزت أولانى، عشان اتجوز تاني».
وسأل نفسه: لماذا لم يتزوج حتى الأن، وكاد سن الشباب أن يغادره؟ وبنات الحلال كتير، والجميلات يخطبن وده بالنظر والكلام، حسم أمره وقرر الزواج من بنت الحلال، التى تشاغله برقة وهدوء من زمان!
جلس امام التليفزيون، ليشاهد قليل من الترويح وأى شئ كان، فوجئ ان كل القنوات تستضيف أقارب «الغجرية»، وجميعهن يقلن نفس العبارات وكل واحدة وطريقتها، الاختلاف فى الملبس فقط، تقريبا لزوم الفضائيات والضحك على خلق الله.
أغلق التليفزيون ومدد على فرشته التى مازالت تنظر سخونة إحدى الحسان، شد اللحاف، ونام.