نستقبل عاما جديدا في عمرنا وعمر أوطاننا وعمر البشرية.
ندعو الله سبحانه وتعالى ان يحمل لنا ولأوطاننا سعادة وفرحا وأن يكون عاما جديدا فعلا.
منذ سنوات طويلة جدا، ونحن حين نستقبل عاما جديدا نتمنى ان يكون افضل من العام الذي سبقه وأكثر رفقا بنا. السبب في ذلك اننا مع نهاية كل عام نكتشف للأسف الشديد أنه كان أسوأ من سابقه وحمل معه الكثير مما يؤلم ومما لا يسرّ.
عاما وراء عام، تراكمت في أوطاننا العربية الهموم والأحزان، وتفاقمت الأخطار والتهديدات التي تعصف بدولنا وشعوبنا، وانحدرت أوضاعنا من سيئ الى أسوأ.
عاما وراء عام، شهدنا أوطانا عربية تضيع أمام أعيننا ويجري تدميرها وإغراقها في الحرب والفوضى.
.. شهدنا شعوبا عربية تعاني ما لم تعانه طوال تاريخها.. ملايين من أبناء شعوبنا تم تدمير بيوتهم وطردهم من أرضهم ومن بلادهم كلها وأصبحوا مشردين في شتى بقاع الأرض هربا من جحيم وبحثا عن فرصة لمجرد البقاء على قيد الحياة.
.. شهدنا دولا أجنبية غريبة عنا لا تكنّ للعرب الا العداء وكل الحقد والكراهية تتحكم في مقادير دول عربية وتعيث فيها فسادا، وهي التي تقرر لها مستقبلها.
.. شهدنا معاناة الفقراء من أبناء شعوبنا تزداد وتتفاقم عاما بعد عام رغم كل الوعود وكل الأحاديث عن إنجازات كبرى تتحقق.
… شهدنا بلادة عربية رسمية، وعجزا عربيا رسميا على كل المستويات.. عجزا عن مواجهة التحديات التي تهدد أوطاننا فرادى ومجتمعة.. لا جبهة عربية موحدة ولا رغبة في تكامل عربي.. وهكذا.
لكل هذا نقول إن أوضاعنا على امتداد السنوات الطويلة الماضية تسير للأسف من سيئ الى أسوأ.
هذا من دون التقليل من شأن أي تطورات إيجابية حدثت أو أي انجازات فعلية تحققت.
لذا، ندعو الله ان يكون العام الجديد الذي استقبلناه لتوّنا عاما جديدا فعلا.. ان يكون عاما مختلفا عن الأعوام السابقة.
ندعو الله ان يخفف عنا في العام الجديد بعضا من همومنا وآلامنا وأحزاننا.. ندعو الله ان يحمل لنا العام الجديد شيئا من الفرح والسعادة والأمل.
رغم كل شيء. رغم كل ما جرى لنا ومرّ بنا ونعاني منه، لدينا الكثير من دواعي التفاؤل والأمل.
لدينا شعوب عربية تكدّ وتتعب وتكافح من أجل مستقبل أفضل لها ولأبنائها ولأوطانها.. شعوب عربية مستعدة لأن تضحي وتدافع عن أوطانها في كل الأوقات وأيا كانت الظروف.
لدينا كفاءات ومواهب عربية في كل المجالات بلا استثناء تستطيع ان تعلب دورا هائلا في النهوض بأوطاننا والسير بها الى الأمام إن اتيحت لها الفرصة.
لدينا كدول عربية إمكانيات وقدرات هائلة مادية وبشرية، لو عرفنا كيف نستخدمها ونحشدها لأصبحنا قوة عظمى في العالم، ولما استطاع أحد أن يتجرأ علينا.
لا ينقصنا إلا الإرادة والرشد في السياسات وحماية ثرواتنا الوطنية من النهب والفساد والتبديد.
وفي كل الأحوال، كل عام ونحن وأوطاننا العربية بخير.