نون – كندا – سارة توركنيزس
يلعب التصميم دورًا أساسيًا في تنمية وتشكيل الذاكرة الجماعية من خلال تشكيل المساحات العامة المادية، هندسة المناظر الطبيعية هي مجال يتصارع مع عدم المساواة الاجتماعية والتعقيد المكاني – وهما خاصيتان تجسدهما القدس، فعند مقارنة متحف التسامح في القدس مع مشتل الأشجار بأقريش في المغرب، آمل أن أسلط الضوء على الكيفية التي يمكن أن يتم بها التصميم لمقاربة أفضل عند التعامل مع العلاقات بين الأديان.
يقع متحف التسامح (MOT) في قلب القدس الحديثة بشارع هيليل، وهي منطقة نابضة بالحياة تقع عند تقاطع منتزه الاستقلال الموسع ومركز المدينة الحضري، من المخطط أن يستضيف المبنى مجموعة متنوعة من الأنشطة المختلفة: مساحات من أجل العروض، ومركز للتعليم، المسرح، كما يضم العديد من المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية، عندما كنت طالبة في هذا الموقع وأثناء تنقلاتي اليومية إلى المدرسة، بدأت أتساءل، ما هذا المبنى؟ التسامح لمن وبأي صفة؟ وبأكثر إلحاح – لماذا هنا؟
أغلقت شقتى في موقع الدفن الإسلامي القديم الذي يعود إلى القرن السابع، والمعروف باسم ماميلا (مأمن الله باللغة العربية)، في هذا الموقع شرع مركز سيمون فييزنتال في مشروعه المعماري للتسامح، ووفقاً لرئيس الحفريات جدعون سليماني، فإن 400 قبر تحتوي على بقايا بشرية مدفونة وفقًا للتقاليد الإسلامية تم استخراجها أو الكشف عنها أثناء عمليات التنقيب في موقع المتحف، ويعود العديد منها إلى القرن الثاني عشر، كما أن هناك 2000 من القبور الأخرى تحت موقع المتحف، وهي أدنى طبقة يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر، جنبا إلى جنب مع جذوره التاريخية، تم دفن العديد من المحاربين المسلمين البارزين والعلماء هناك.
فمع هذه المتاحف غالبًا ما تحصر هذه الأخيرة التاريخ في البلدان التي تمر بمرحلة ما بعد الصراع، فكيف سينفذ هذا التصميم في بيئة إسرائيل، حيث يستمر الصراع ويتطور باستمرار، والسرد معقد ومتناقض؟
يحيط بمتحف التسامح العديد من المساحات الخضراء والإرث الإسلامي، ولكن الآن تمت تغطية ذلك على نفقة المبنى، لقد مر المشروع، إلا أنه ومن المفارقات، كان له أثر في إسكات الأشخاص الذين يسعون إلى مواصلة التسامح معهم، بدلاً من متحف يتناول أصوات قلة مختارة، يمكن أن تكون لهندسة المناظر الطبيعية والتي تعتبر الوسيلة التي تعمل من أجل محو عدم المساواة هذا، حيث أنها تضمن زراعة المساحة المشتركة والحفاظ عليها.
لقد تم اكتشاف هذه الفكرة من خلال السفر إلى المغرب والاجتماع مع السيد يوسف بن مير، رئيس مؤسسة الأطلس الكبير ومبادرة بيت الحياة، لقد رأيت هنا مدى أهمية إحياء المقبرة والمساحة الخضراء حول مبنى متحف التسامح من أجل مستقبل القدس، وتتمثل مبادرة بيت الحياة الرئيسية في إقامة تعاون يهودي ـ مسلم باستخدام الفلاحة كجسر لاحتياجات التنمية البشرية المغربية والتاريخ الثقافي.
كان الموقع الذي زرته هو مشتل أقريش، أحد المشاتل التابعة للمؤسسة، على بعد 30 كم غرب مدينة مراكش وهو المكان الذي دفن فيه الحاخام الراحل رافائيل الكوهن، لتصبح المقبرة التي يبلغ عمرها 700 عام موقعًا للتحول عندما قرر السكان المحليون والمسؤولون العموميون وكذا الطائفة اليهودية الاستفادة من المساحات الشاغرة واستعمالها للأشجار المثمرة مع الأجيال السابقة في أقريش والتي تعتمد فقط على الفلاحة المعيشية، حيث كانت هذه بمثابة فرصة لإزالة الحواجز للوصول إلى ما يقرب من 2000 أسرة فلاحية و 150 مؤسسة تعليمية من خلال إنتاج 150000 شجرة من التين واللوز والرمان منذ عام 2012.
تتناول مقبرة أقريش سؤالًا مهمًا، فمع النهاية القادمة لحقبة يهودية عمرها 2500 سنة من العيش في المغرب، كيف يحافظ المرء على اتصال بهذا التاريخ بدون وجود مادي؟ حارس المقبرة، وهو من أصل أمازيغي مغربي، كما اشتغل كل من والده وجده في هذه المقبرة، هو تجسيد لهذا الحفظ، كما أوضح بعمق كبير وفخر عن قصة الحاخام رافائيل الكوهن.
عند النظر إليها بهذه الطريقة، يصبح التاريخ اليهودي غير قابل للانفصام عن التاريخ المغربي؛ إذ أن إحياء زراعة المنتجات الأصلية وزراعتها يسيران جنبا إلى جنب مع إحياء التاريخ اليهودي وزراعته.
علاوة على ذلك، تتطلب مبادرة أقريش لمشاركة فعلية من الناس، تضمن أن اليهود والمسلمين يعملون معاً يومياً، فمن خلال المشاركة الفعالة، يكتسب المواطنون المغاربة إحساسًا بأنهم من سيحقق هذا المستقبل، ونتيجة لذلك، يتم العمل على استصلاح المنتجات الأصلية، في حين أن إحياء المقبرة أدى إلى تدفق السياحة اليهودية إلى جانب الفهم العميق للثقافة والتراث المغربي والمحافظة عليهما.
وفي حين لا يوجد موقعان متماثلان، إلا أن مبادرة كهذه حاسمة في إسرائيل، حيث يعاني 8.3٪ من إجمالي السكان من انعدام الأمن الغذائي و 50٪ من سكان إسرائيل العرب غير قادرين على تلبية أقل الاحتياجات الغذائية.
يجب أن تكون المقبرة والمساحة الخضراء المحيطة في مقدمة القصة، حيث إنها تسمح بوجود منصة أكبر للمشاركة والحفظ التاريخي والنمو الاقتصادي، وبما أن آليات العدالة الانتقالية تصطدم دائمًا بالاحتكاكات بين الأجهزة العالمية والحقائق المحلية، فمن واجب كل من يتدخل للصراع ويتساءل عن العدالة التي تعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين.
فمع اختلاف العدالة وتغيرها بسبب الظروف الفريدة لزمان ومكان معين، ينبغي كذلك على المنهجيات، ولتكملة متحف التسامح، فحلول هندسة المناظر الطبيعية قد يتعامل بشكل أفضل مع الحركة المستمرة والفوضى للصراع المستمر وتشجيع المواطنين على الحصول على الملكية والتعبير عن المكان من خلال المشاركة وزراعة المساحات الخضراء.