في نهاية كل عام، تُعقد المقارنات بين أكثر الشعوب سعادةً، واختيار بعض الإنجازات «عالميًا وقاريًا ومحليًا».. كما تكثر الاستطلاعات والاستفتاءات حول أفضل الشخصيات وأهم الأحداث، على كافة المستويات.
ساعات فقط، تفصلنا عن توديع عام، يرحل بطيئًا بلا رجعة.. بلحظاته السعيدة، وأيامه المؤلمة الحزينة.. بكل تفاصيله التي تعمق فيها الشعور بالخوف من المستقبل.. لم تُفلح خلاله المسكنات في معالجة الأوضاع البائسة، حتى نفد مخزون الصبر والتحمل!
عامٌ يلفظ دقائقه الأخيرة، بعد أن شهد إيجابيات توارت «خجلًا»، وسلبيات تصدَّرت المشهد، لتكون المحصلة واقعًا أليمًا وأكثر «إفلاسًا»، في ظل انتشار حالات «السلق» الفكري، و«العك» السياسي، و«واقع» اقتصادي مزرٍ، أسفر عن موجات غلاء متوحش، أنهكتنا بشكل لم يسبق له مثيل.
عامٌ يمضي بصعوبة بالغة، بعد أن شهد أحداثًا ساخنة، وحوادث بشعة، وتصريحات «استهلاكية فجة»، وبروز «فقاعات» من «المسوخ البشرية» المستفزة، التي تعمل ليل نهار على غسل الأدمغة، لتزيد من معاناة الناس، ودفعهم إلى هاوية الطبقية والطائفية والجشع والجهل والغباء والاستعلاء.
بكل أسف، مرَّ عام صعب على المصريين جميعًا، ولم يعد المواطن قادرًا على مواجهة تبعاته القاسية، في جميع المجالات والمستويات.. حتى السخرية، أو «النكتة» التي ارتبط بها منذ القدم، وكانت معينًا له في مواجهة الصعاب، لم تستطع تخفيف وطأة الأيام ومرارتها.
المواطن المصري «الغلبان» عاش اثني عشر شهرًا من المعاناة والصعوبة، في محاولات بائسة لتأمين ضروريات الحياة، أو توفير الطعام الأساسي، في حده الأدنى.
بعيدًا عن إثارة أي مناخ تشاؤمي لدى الرأي العام، وفي ظل أرقام معلنة لكثير من مشاريع الطرق والكباري، وتنظيم مؤتمرات ومهرجانات، نتلمس فيها بريق أمل، إلا أننا نتصور أن هناك خيبة أمل كبيرة لدى الناس، الذين أصبحوا في وضع لا يُحسدون عليه.
الآن، ومن خلال متابعة راصدة بدقة وموضوعية، لحصاد عام كامل، نستطيع القول بكل ثقة، إن أهم وأفضل شخصية يمكن أن تستحق لقب «شخصية العام» عن جدارة، ستكون من نصيب «المواطن المصري»، الذي نتصور أنه بالفعل أصبح «أيوب العالم»، لأنه ما زال على قيد الحياة، محتسبًا صابرًا، متشبثًا بالأمل في الله.
أخيرًا.. عزيزي المواطن المصري، الذي يلوذ بفضيلة الصبر: (لقد كانت السنة المنتهية «رائعة» بكل المقاييس.. شكرًا على كونك جزءًا منها، مع أطيب التمنيات بعام جديد مفعم بالأمل والسعادة، وأن تكون السنة المقبلة «2019»، بداية لمرحلة جديدة من التفاؤل، وربما انتهاءً للمشهد العبثي الذي نعيشه)!