جاء قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا ليثير علامات استفهام علي الساحة قد تبدو محيرة ومثيرة للمراقبين خاصة بعد الاستقالة الاخيرة لوزير الدفاع الامريكي ماتيس بسبب ما عرف بأنها جاءت نتيجة خلاف مع سياسات ترامب و تبرز عدة ملاحظات ربما تكون بدايتها الخلاف حول قرار ترامب بالانسحاب من سوريا.
وطرحه لامكانية التعامل مع الرئيس السوري بشار الاسد – شواهد كثيرة تثير جدلا خاصة بعدما اعلن ترامب عن الغاء فكرة الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد – الملف السوري ملئ بالغموض الذي يحيط بمستقبل سوريا وشرق الفرات الذي اعلنت امريكا من قبل عن دعمها للكرديبن في شرق الفرات و امكانية استقلالهم بحكم ذاتي و خاصة بعد اعلان امريكا انتهاء مهمتها في سوريا لزوال سبب التواجد وهو وجود داعش تلك الحركة الارهابية التي اسستها ومولتها امريكا نفسها لتكون لها اليد الطولي في بعض البلدان العربية تضرب بها من تشاء وتساند بهاء من يأتي تحت اجنحة سياستها العدوانية ومع الاعتراف بالغفوة التي انتابت بعض الدول العربية تجاه تلك السياسات جاء الموقف المصري ليعيد التوازن للملف و الشرعية السورية بتبني اطار المصلحة الوطنية السورية من خلال قرار الشعب و تعرضت مصر لكثير من العداوات من اقرب المقربين لتغيير موقفها المؤيد لحق الشعب السوري في تقرير مصيرة و يأتي الدعم الروسي ليكون مساند للقرار السوري و يظهر التحالف الثلاثي الروسي الايراني التركي ليكون قوة داعمة للقرار السوري – روسيا وايران حليفان استراتيجيان للشرعية السورية وتنضم تركيا لهما ليخيف المثلث القوي صناع القرار الغربي – تركيا التي اعلنت عن قرب الحصول علي منظومة اس ٤٠٠ الروسية الصنع حديثة تواجه بها اطماع الاكراد في شرق الفرات و التهديدات المحتملة من تلك القوي الجديدة التي صنعتها الغطرسة الامريكية.
لتلعب المصالح هنا الدور الانعكاسي لما تم الاتفاق عليه من قبل بين امريكا و الاكراد فسارعت الحكومة الامريكية بالاستجابة للطلب التركي بالموافقة علي صفقة الباتريوت التي يأس الاتراك من الحصول عليها وجاءت الموافقة بعد الاعلان عن صفقة الاسلحة الروسية لتركيا – الامريكان صنعوا التواجد الكردي شرق الفرات ومنعوا الحكومة السورية من الاقتراب منها و سيطر الاكراد علي ثلاث مناطق منتجة للبترول و بالطبع خدمت المصالح الامريكية ليواجه التواجد الكردي في شرق الفرات مخاوف محتملة من القضاء عليه عقب القرار الامريكي بالانسحاب من سوريا و الذي اعتبره الاكراد تخليا عنهم في مواجه الرفض التركي لوجوده في شرق الفرات واذدات المخاوف عقب اعلان تركيا حالة الطوارئ في غرب الفرات ورفض مايسمي بالسيطرة الكردية فهل جاء قرار ترامب بالانسحاب خشية المواجهه الجديدة في الفرات بين مايسمي بدولة الاكراد و الرفض السوري و التركي لوجودها- من جانبها رحبت روسيا بالقرار الامريكي بناء علي حسابات المصالح المشتركة بينهما و في الوقت الذي حشدت فيه تركيا قواتها في مواجهه الاكراد اطلقت حكومتها تحذيرا للاكراد شديد اللهجة حيث جاء باختصار في رسالة للاكراد مفادها..«سندفنكم في خنادقكم وجاءت صرخت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بأن تركيا سترتكب مذبحة تجاه الاكراد و العالم سيتفرج لتعكس الواقع القادم فتركيا استغلت الموقف وخدمتها الظروف وقواعد اللعبة السياسية التي تعلو فيها لغة المصالح من خلال التحالف مع روسيا وايران جاء التقارب مع الحكومة السورية و التحالف معها من اجل مواجهه الاكراد في شرق الفرات وهو الامر الذي جاء رغما عن الحكومة السورية و تركيا ولكن عقب القرار الامريكي الاخير اصبح قرار المواجهه قريبا وكل شئ مباح فينا».
فتجربة الاسلحة الجديدة سواء الروسية او الامريكية تحتاج لحقل تجارب مملؤ بالدم الرخيص ولن يجدوه الا في المجتمع العربي.