نون ـ وكالات:
شكلت حادثة مقتل الرضيع الفلسطيني علي سعيد دوابشة حرقا، إضافة أخرى إلى سجل حافل من الانتهاكات والجرائم ارتكبها مستوطنون متطرفون على مدى عقود بحق الفلسطينيين، إذ شهدت الفترة الأخيرة تصاعدا ملحوظا في الاعتداءات بحق سكان الضفة الغربية.
وقد أخذت الكثير من تلك الاعتداءات طابعا وحشيا كما جرى مع الطفل محمد أبو خضير الذي خطف وعذب وأحرق على أيدي متطرفين في يوليو 2014.
ملف جرائم الاحتلال إلى الجنايات الدولية
أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أن الخارجية الفلسطينية ستتتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية بملف كامل عن الجرائم الإسرائيلية يتضمن جرائم شهر يوليو الماضي التي كان آخرها اسشهاد رضيع، وسط دعوات فلسطينية للرد على الجريمة الإسرائيلية بحق الطفل دوابشة.
وحملّت الرئاسة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن الجريمة التي ما كانت لتحصل لولا إصرار إسرائيل على استمرار الاستيطان وحماية المستوطنين وصمت المجتمع الدولي، مهددة باللجوء إلى المحاكم الدولية.
وقالت الرئاسة الفلسطينية إن جريمة حرق الطفل الفلسطيني ستكون في مقدمة الملفات التي ستقدم للمحكمة الجنائية الدولية، معتبرة أن الإدانة اللفظية لم تعد مقبولة، وأن المطلوب خطوات عملية تؤدي إلى محاسبة المجرمين وإنهاء الاحتلال.
عباس: حرق الطفل “جريمة حرب”
ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد الاجتماع العاجل للقيادة الفلسطينية الجريمة بـ”جريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية”، قائلاً “لن يوقفنا أي شيء أو أي مانع من تقديم شكوى لدى محكمة الجنايات الدولية في القريب العاجل”. وأضاف عباس “لن نسكت إطلاقاً على جرائم المستوطنين”.
وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن السلطة الفلسطينية لا تسعى إلى الانتقام وإنما إلى حماية شعبها.
حماس تدعو لـ”ثورة غضب”
من جهتها دعت حركة حماس الفلسطينيين في الضفة إلى هبة شعبية رداً على الجريمة الإسرائيلية بحق الطفل دوابشة، كما دعت لجان المقاومة إلى ثورة غضب “دفاعاً عن أطفالنا وأهلنا من جرائم المستوطنين”.
ودعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، إلى الرد على جريمة قتل الطفل دوابشة والاعتداءات المتكررة على القدس والمسجد الأقصى من خلال تصعيد المقاومة ضد الاحتلال والمستوطنين.
وحمّل مشعل القيادة الاسرائيلية مسؤولية جريمة حرق الرضيع دوابشة واعتبر أنه يؤكد من جديد أن جوهر الصراع الحقيقي هو الاحتلال والاستيطان.
فتح: جرائم المستوطنين لن تمر دون عقاب
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي أن رد الشعب الفلسطيني على إرهاب المستوطنين وجرائهم لن يتأخر. وهو ما عبرت عنه أيضاً حركة فتح بقولها إن “جرائم المستوطنين لن تمر من دون عقاب”.
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فاعتبرت حرق الطفل في نابلس تطوراً خطيراً داعية لإعلان الحرب على المستوطنين. وقال القيادي في الجبهة كايد الغول “يجب التحلل من كل الالتزامات في الاتفاقات السابقة وفتح كل الخيارات في مقاومة الاحتلال”.
“إرهاب” المستوطنين
بحسب منظمات حقوقية يضم سجل جرائم المستوطنين إلى جانب “جرائم القتل” انتهاكات فطيعة أخرى تشمل حرق المنازل ودور العبادة وتدمير وإحراق أشجار الزيتون والمحاصيل في مزارع وأراضي الفلسطينيين، وهي جرائم تمارسها عصابات “دفع الثمن” وغيرها من المنظمات الاستيطانية المتطرفة، فيما تصر الحكومة الإسرائيلية على التعامل مع هذه المنظمات باعتبارها اتحادات غير قانونية وليست منظمات إرهابية.
وتشير الإحصائيات إلى أن 93% من جرائم المستوطنين والجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني تغلق دون حتى فتح ملفات جنائية وتحقيقات معمقة وتسجل الاعتداءات ضد مجهول، وفقا لنشطاء حقوقيين.
وتؤكد المعطيات أن الشرطة الإسرائيلية لا تبذل جهودا للعثور على المعتدين ومحاسبتهم وتقديمهم للمحاكمة، وهي بذلك توفر لهم غطاء وتشجعهم على المضي بشن الاعتداءات على الفلسطينيين.
وقد تمادت عصابات “دفع الثمن” الاستيطانية باستهداف المقدسات الدينية، ونفذت خلال العامين الأخيرين نحو 700 جريمة على جانبي الخط الأخضر.
ويرى العديد من المسؤولين والقادة الفلسطينيين أن مقتل الرضيع الفلسطيني هي ثمرة طبيعية للسياسة التي تسير عليها حكومة بنيامين نتانياهو ووعوده في انتخابات الكنيسيت الأخيرة، والتي تعهد فيها بتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
استنكار عربي ودولي
دانت دول عربية ودولية ومنظمات حقوقية، بعد حادثة حرق الرضيع الفلسطيني من جانب المستوطنين اليهود وإصابة 3 من عائلته بجراح قرب نابلس، بالضفة الغربية.
ونددت الحكومة الأردنية بالجريمة، التي ارتكبها مستوطنون إسرائيليون في قرية دوما جنوب مدينة نابلس، واعتبر وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني: “هذه الجريمة البشعة ما كانت لتحدث لولا إصرار الحكومة الإسرائيلية على إنكار حقوق الشعب الفلسطيني وأدارت ظهرها للسلام وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة”.
وفي السياق ذاته، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، الحادثة. ونقل عبد العاطي تعازي مصر حكومة وشعبا لعائلة الرضيع وللشعب الفلسطيني الشقيق متمنيا سرعة الشفاء للمصابين، ومطالبا المجتمع الدولي بتوفير الأمن والحماية للشعب الفلسطيني.
وفي واشنطن، نددت الولايات المتحدة “بأشد العبارات” بـ”الهجوم الإرهابي الوحشي”، كما رحبت الخارجية، في ذات الوقت، بالأمر الذي أصدره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لقوات الأمن باللجوء إلى كل السبل المتوافرة لديها لاعتقال القتلة وإحالتهم أمام القضاء.
كما طالب الاتحاد الأوروبي بـ”عدم التهاون”، مع أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون، وقالت متحدثة باسم الاتحاد في بيان “ندعو إلى تحمل المسؤولية الكاملة والتطبيق الفاعل للقانون، وعدم التهاون مع أعمال عنف المستوطنين”.