نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: مكافحة الفساد وحقوق الإنسان

لم تكن مصادفة أن تحدد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 9 ديسمبر يوما عالميا لمكافحة الفساد ويأتي قبل يوم من اليوم العالمي لحقوق الإنسان وهو اليوم الذي تم إقرار فيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصبح من العرف الدولي والذي وجب علي كل دساتير العالم الاستناد إليه في تنظيم الحريات العامة.

والمشرع الدولي يعلم أن مكافحة الفساد تتطلب تمتع المواطنين بالحريات الاساسية التي نص عليها الإعلان وأن يمارسوها وفق قوانين ديمقراطية، ومكافحة الفساد ليست مهمة الحكومة وحدها لكن مهمة كل السلطات، وكذلك الشركاء من إعلام ومجتمع مدني وقطاع خاص، فهؤلاء شركاء في عملية المكافحة وكشف الفساد والتصدي له.

وهذا يتطلب ان يقوم الشركاء الذين نصت عليهم الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وما تلاها من اتفاقيات أخري بأدوارهم في مكافحة الفساد، وأن يكون هناك قضاء وإعلام ومجتمع مدني مستقل وأن يتمتع الجميع بحرية الرأي والتعبير وألا يتمتع أي مسئول أو أي جهة بحصانة ضد النقد مهما كان منصبه.

كما يتطلب ان تطبق الحكومة قواعد الحكم الرشيد في كافة تصرفاتها وأن تقوم بمصارحة الناس بكل ما يهمهم وان تعلن لهم الخطط المستقبلية لتنمية البلاد وكذلك دراسات الجدوي لأي مشروع تقوم به حتي يعرف المواطن ماذا سوف يستفيد منه حتي يكون سنداً لها في تنفيذه.

وارتباط مكافحة الفساد بمنظومة حقوق الإنسان ارتباط وثيق لأن الدول التي يتمتع مواطنوها بحقوقهم وحرياتهم هي الأقل فسادا في العالم وبمراجعة مؤشر الشفافية الدولية سوف نجد هذا واضحاً لأن الحرية عدو الفساد وإنما ينمو ويترعرع في ظل الانغلاق والسيطرة علي مقاليد الحياة العامة ورفض النقد واعتباره جريمة وتختفي فيه أدوار كيانات هامة مثل الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية ويصبح الفساد أكثر «بجاحة» عندما تسيطر الدولة علي وسائل الإعلام وتحولها الي أبواق دعاية لها.

فكل الدول التي حققت تقدما في مكافحة الفساد وضعت قوانين نصت عليها الاتفاقية الأممية ومنها قانونا حرية تداول المعلومات وتضارب المصالح، كما يحتاج الي قوانين تدعم استقلال أجهزة مكافحة الفساد في عمليات الرصد والتوثيق والتحري والقبض بعد تدريب كوادرها علي عملية المكافحة.

فالقضاء المستقل إن كان هو أهم ضمانة لحماية الحريات وحقوق الإنسان فإنه في ذات الوقت هو يد الحق في معاقبة الفاسدين مهما كانوا في مناصبهم ومن أجل هذا سنجد هذه الدول دعمت استقلال السلطة القضائية كما وضعت قواعد لتحقيق العدالة الناجزة حتي يعلم الفاسد أن يد القانون أقوي وأسرع في القصاص.

فنحن نعيش هذه الأيام احتفالات العالم بيومي مكافحة الفساد وحقوق الإنسان ونجد الدول تنظم احتفالات وتطلق المبادرات لتعزيز مسيرة الحريات بها وتكون فرصة لمراجعة ما قامت به علي مدار العام من أجل تعزيز الحقوق ومكافحة الفساد.

فالفساد هو آفة العصر في كل بلاد العالم لأن الفاسدين ينتعشون في ظل الانغلاق ويكرهون الحرية، لأنها هي الشمس التي تكشف فسادهم والفساد هو المعطل الاكبر للتنمية والفاسدون هم مصدر سيل الشائعات التي تعيشها مصر في السنوات الأخيرة، فلننتهز هذه المناسبة ونعمل علي تعزيز الحريات العامة وفق الدستور المصري ، حتي نستطيع ان نحقق قفزات في مجال مكافحة الفساد وطفرات في مجال حقوق الإنسان وبالتالي نحقق التنمية المنشودة.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى