نون والقلم

في عصر التراجع العربي

سوف تحتل نيويورك خلال الأيام المقبلة، وبمناسبة انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مقام عاصمة المنطقة العربية حيث يتدارس فيها أهل القرار والرأي الأوضاع العربية الراهنة، ويتناقشون في أمر التحديات التي تواجه المنطقة، وبشأن الرد عليها ودرء آثارها السلبية، ويتخذون القرارات المناسبة لتحقيق هذه الغاية.
ولسوف تتكثف المشاورات هناك بصدد القضية الفلسطينية، وفي أوضاع مسجد الأقصى بصورة خاصة، حيث ينبه الزعماء الفلسطينيون إلى أن «الإسرائيليين» يبدون مصممين على “أسرلة” هذا الأثر الديني والوطني العربي والإسلامي.
يتزامن هذا النهج «الإسرائيلي» مع مؤشرات تدل على استعداد الزعامة الفلسطينية في رام الله، لخوض المعركة الدبلوماسية ضد «إسرائيل» إلى أبعد مدى، فيما تتصرف القيادة الفلسطينية على أساس أن المقصود من العراك الدبلوماسي هو الضغط على «إسرائيل» لوضع حد للمشاريع الاستيطانية ولإنهاء الاحتلال، فإن «الإسرائيليين» يعتبرون أن الحراك الفلسطيني يهدف إلى تكرار الأمثولة الإفريقية الجنوبية، حيث انهار نظام الإبارتايد لكي تحل محله الدولة التعددية الإفريقية.
إلى جانب النشاطات الحثيثة التي يبذلها لاعبون دوليون كبار وإقليميون من المنطقة العربية من أجل «تهدئة» الصراع العربي- «الإسرائيلي»، والحد من مضاعفاته بعد أن يئسوا من إيجاد حل «تاريخي» له، فإنهم ينشطون أيضاً على جبهة الحروب وأشكال العنف التي تنتشر في المنطقة بحيث تنجب مضاعفات بشرية لا حصر لها، فالهجرة من المنطقة تحولت إلى معضلة تعجز عن معالجتها الدولة الوستفالية، حتى ولو كانت في حجم ألمانيا، بل تستعصي حتى على الاتحاد الأوروبي الوريث التاريخي لإمبراطورية شارلمان، بل إن حجم هذه المعضلة وصل إلى درجة التفكير، ولو بصوت منخفض، وبعيداً عن الأضواء بالتفاوض مع الرئيس السوري بحيث يقوم بنصيب في منازلة الإرهاب الدولي.
ويتداخل هذا الوضع مع ارتفاع في وتيرة الجهود الدولية الرامية إلى احتواء أخطار الإرهاب الدولي.
تتمثل هذه الجهود في دعوة أطلقها الرئيس الأمريكي أوباما إلى عقد قمة دولية – عربية للدول المشاركة في الحرب على الإرهاب، كما تتمثل أيضاً في مسعى روسي لعقد مؤتمر يتشكل فيه حلف دولي وتعددي لمكافحة الإرهاب الدولي.
يرفق كل من الزعيمين الأمريكي والروسي الرغبة في تدويل الحرب ضد الإرهاب، بالاستعداد لتحميل بلديهما تبعات الشراكة في هذا المضمار.
هذا الاستعداد يشمل إمداد المحاربين بالمال والسلاح والخدمات الاستخبارية. يبقى العنصر البشري، وتبقى الجيوش البرية المقاتلة، فمن دون هذا العنصر لا ضمانة في تحقيق النصر، وحتى إذا توفرت مثل هذه الضمانات، فان الانتصار قد لا يكون حاسماً وقد يستغرق، كما تنبأ أوباما، السنوات بل العقود من الزمن: ألم تطل طالبان على ساحة القتال في منتصف التسعينات؟ إذن التحالف المطلوب لا يقتصر على تجميع الدول المحاربة، بل يشمل أيضاً تجميع «عدة القتال» فمن أين تأتي بالعنصر البشري؟ من أين تأتي بالقوات البرية المدربة والمجهزة بأسباب القتال؟
قدم الرئيس المصري جواباً معقولاً عن هذا السؤال: القوات العربية المشتركة..
الحرب ضد الإرهاب أكثرها في الأرض العربية، والإرهاب لا يُهزم في بلد واحد.. والإرهاب لا يُهزم من الجو أو البحر.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى