لو حدثت احتجاجات حركة «السترات الصفراء» الفرنسية، والمواجهات العنيفة بين المتظاهرين ورجال الشرطة في أي دولة من دول العالم الثالث لسارعت جمعيات حقوق الإنسان إلى اتهام الحكومة بالإفراط في استخدام العنف بدلا من اتهام المتظاهرين بحرق الممتلكات العامة والخاصة واستخدام العنف، ولكن فرنسا ليست البحرين مثلا!
ويبقى السؤال المهم: من يقف خلف حركة (السترات الصفراء) في فرنسا؟ هناك من اتهم اليمين المتطرف في فرنسا بقيادة (مارين لوبن) بأنهم يقفون خلف هذه الحركات الاحتجاجية، و«لوبن» لم تخف موقفها من دعم تلك الحركات الاحتجاجية على زيادة أسعار المحروقات وأسعار الكهرباء والغاز، وإجراءات أخرى كانت الحكومة تنوي اتخاذها، ويبدو أن تصاعد أعمال العنف دفع رئيس الوزراء الفرنسي (إدوارد فيليب) إلى تعليق زيادة كانت مقررة في أسعار الوقود مدة ستة أشهر ضمن محاولة لوقف العنف من قبل حركة (السترات الصفراء) في شوارع فرنسا، وهذا التراجع يعتبر ضربةً للرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) الذي كان يقف خلف هذه الإجراءات الاقتصادية التقشفية ضمن خطة لتحسين الوضع الاقتصادي الفرنسي.
لكن هل حقًا (اليمين الفرنسي) هو الذي يقف خلف حركة (السترات الصفراء)؟ إن الخبر الذي نشر في الصحافة أمس، يتبنى اتجاها آخر، حيث قارنت عدة وسائل إعلام رسمية (روسية) التظاهرات العنيفة في فرنسا بعدة ثورات شهدتها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في السنوات الماضية، معتبرة أن الولايات المتحدة الأمريكية لها دور فيها، لأنها تريد معاقبة الرئيس الفرنسي، وإن الحركات الاحتجاجية تستهدف إضعاف الرئيس (ماكرون) ودفعه إلى تقديم استقالته، خصوصا أنه أعلن نفسه مؤخرا زعيما للاتحاد الأوروبي ومدافعا عن فكرة إنشاء جيش أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة، كما دافع بشدة عن الاتفاق النووي الإيراني، وقالت صحيفة (روسيكايا غازينا) الروسية (إن هذه الأسباب تكفي لربط حركة (السترات الصفراء) بالثورات التي اتخذ كل منها شعارا بلون معين، والتي أخرجت أوكرانيا وجورجيا من الفلك الروسي بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية أو الغرب).
بالطبع فإن هذه وجهة النظر الروسية في تحليلها لاحتجاجات حركة (السترات الصفراء) في فرنسا، وسواء صحت هذه الرؤية أو أخطأت فإن المستفيد الأكبر من الاحتجاجات هو اليمين الفرنسي بزعامة (مارين لوبن).