نون – وكالات
قالت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية العريقة، إن فهم بوتين للجغرافيا والمعرفة بالخريطة السياسية للكوكب والسمات الرئيسية لكل دولة وأمة، يلعب دورا مهما في نجاح روسيا في الساحة الدولية، حيث ترى أن روسيا انتصرت على مر السنين الأخيرة في معظم الصراعات الجيوسياسية، بسبب المعرفة الرائعة لرئيسها فلاديمير بوتين، وفهمه للعلاقة الجدلية بين التاريخ والجغرافيا.
واستشهدت الصحيفة بحادثة مقاطعة بوتين لخطاب وزير الزراعة الروسي، ألكسندر تكاشوف، عندما تحدث عن تصدير لحم الخنزير الروسي إلى إندونيسيا، فأوضح له الرئيس بوتين، أنه على خطأ، نظرا لأن إندونيسيا بلد مسلم في الغالب، حيث يعتنق الإسلام 87 بالمائة من السكان، ومن المستحيل استهلاك لحم الخنزير هناك، كمثال على فهمه السمات الرئيسية لكل دولة، وعلى خلاف قادة العالم الآخرين، يدرك بوتين الاختلافات الثقافية في تعليم وعقول الدول الأخرى، ما يسمح له بممارسة سياسة أكثر حكمة وتفكيرا، حسبما لاحظت الصحيفة.
وأضافت “لو فيغارو”، أنه في المقابل، لا يفقه القادة الغربيون الذين يناصبون بوتين وروسيا، ولسنوات عديدة، الخصومة والعداء، هذه القضية على الإطلاق. على سبيل المثال، لم يكن نيكولا ساركوزي وجورج بوش الابن يعرفان الفرق بين الشيعة والسنة في بداية فترتهما الرئاسية، الأمر الذي أدى إلى كارثة في سياساتهم في الشرق الأوسط. وينطبق نفس الشيء على القادة الغربيين الحاليين.، على سبيل المثال، يخلط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بين النمسا وأستراليا، ويصف إيمانويل ماكرون غويانا بأنها جزيرة، على الرغم من أنها مستعمرة فرنسية في أمريكا الجنوبية، حسبما تضيف الصحيفة.
هذه المعرفة الضعيفة للقيادة الغربية في الجغرافيا تؤدي بهم إلى سوء فهم كامل للقضايا الجيواستراتيجية الدولية الرئيسية، والرغبة في الحصول على مكاسب قصيرة الأجل، على سبيل المثال، كما تشير صحيفة فيغارو إلى حقيقة أن الإسلاميين الأصوليين في مالي كانوا يعتبرون من معارضي المصالح الفرنسية، لكن في سوريا كانوا يعتبرون حلفاء للغرب ضد بشار الأسد.
وأوضحت “لو فيغارو” السبب في ذلك، كما تراه، هو الأنظمة التعليمية الضعيفة في الغرب. بالتالي، ليس لديهم استراتيجية واضحة طويلة المدى تسمح لهم بفهم من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء، وما هي الدول التي لا يمكن أن تكون بعيدة عن التوازن، للحفاظ على السلام في العالم كله، وما هي العلاقة الحقيقية بين الدول. كل هذا يؤدي إلى العديد من الأخطاء الجيوسياسية، والتي يتعين على العالم كله أن يدفع ثمنها الآن. على سبيل المثال، ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) هو نتيجة لتدمير العراق من قبل الأمريكيين في عام 2003 ودعم المتمردين المسلحين في سوريا.
وأنهت الصحيفة الفرنسية قولها بـ: “لهذا السبب تخرج روسيا باستمرار منتصرة من معظم الصراعات العالمية، لأنها تمتلك استراتيجية ورؤية واضحة في جميع مناطق العالم، رغم أن الدول الغربية مجتمعة أقوى منها بكثير من حيث الموارد السياسية والاقتصادية والعسكرية”.