غير مصنف

هل العراق مقبل على نهاية عصر “داعش” والمليشيات؟

في غضون ذلك، ذكرت مليشيا “عصائب أهل الحق” و”منظمة بدر” في بيان صحافي مشترك أن “المؤامرات التي تحاك ضد العراق تهدف إلى تنفيذ المشروع الأمريكي، الهادف لإضعاف وتمزيق وحدة وطننا وأرضنا وشعبنا، وتقسيمه إلى دويلات متناحرة”.

وأشار البيان إلى أن خطوة موافقة محافظ الأنبار على التدخل العسكري الأمريكي البري والجوي هي حلقة من حلقات هذه المؤامرة وحذر الجميع من خطورة القبول بتواجد أمريكي على الأرض العراقية، وأن ذلك مقدمة لاحتلال جديد.

مصادر مقربة من هذه المليشيات كشفت عن اجتماعات مكثفة جرت بين قيادات وعناصر مليشيات الحشد، تمخضت عنها أخيراً قرارات مختلفة منها أن المليشيات قد تنفذ هجمات عسكرية ضد الوجود الأمريكي في البلاد لردعها باعتبار أن عودة القوات الأمريكية تعني القضاء على وجود المليشيات.

ويؤكد حسن الفتلاوي القيادي في الحشد الشعبي أن تدريبات مكثفة تلقتها عناصر في المليشيات بالفعل، تتعلق بكيفية استعمال الدبابات والعجلات العسكرية وأن قادة المليشيات قسّموا المناطق المحيطة ببغداد على الفصائل المسلحة.. موضحا أن المليشيات تتهم حيدر العبادي بالتخطيط لعودة الأمريكيين، وأنّ هناك مشكلات حادة وكبيرة بين الأطراف السياسية داخل التحالف الوطني وكذلك بين المليشيات والحكومة خصوصاً بعد حراك شعبي كبير وحزم إصلاحات رئيس الحكومة حيدر العبادي.

وقال حسين الأمير وهو قيادي آخر في الحشد الشعبي إن هيئة الحشد طلبت من العبادي الالتفات إلى مقاتليه المنتشرين في المدن الساخنة وأبلغته أن الانشغال بالتظاهرات والإصلاحات أدى إلى إهمال الحشد ومكن “داعش” من السيطرة على مناطق مهمة.

يأتي ذلك وسط حديث عن انشقاق داخلي تواجهه مليشيات الحشد الشعبي، إذ بدأت فصائلها تعمل بشكل منفرد، مدفوعة بأجندات مختلفة، بعد انتهاء دورها في المعارك وفشلها في تحقيق أيّ تقدم على “داعش” ورفض الولايات المتحدة لتواجدها في محافظات الأنبار وصلاح الدين بعد تقارير دولية عن جرائم قتل وحرق جرت بعد تحرير تكريت في مارس/ آذار الماضي، كما ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها مؤخرا.

من جانبه، يرى عضو لجنة الأمن في مجلس محافظة بغداد، سالم السعدي، أن عودة المليشيات من جبهات قتال “داعش” في الأنبار وصلاح الدين إلى بغداد د سيعقّد الملف الأمني المعقد أصلا ويتسبب في زيادة أعمال العنف.

ويوضح السعدي أنّ المليشيات فصائل غير منضبطة ولا يحكمها قانون ولا تستطيع العمل وفقاً لمنهج ثابت ومحدّد والدليل سوء إدارتها للمعارك في الأنبار وصلاح الدين وعودة الفصائل إلى بغداد سيؤدي أيضا لإعادة الخلافات بينها بسبب ارتباطاتها بقادة سياسيين، إذ إنّ كلاً منها يعمل لحساب جهة معينة، ما يشير إلى عمق الخلاف، الأمر الذي سيتسبب بالتالي في تردٍ أمنيٍ كبير، وبدء تصفية أعمال فيما بينهم، داعياً العبادي، إلى ضرورة إخضاع جميع الفصائل للقانون وسلطة الدولة وسحب السلاح منها بحسب الدستور.

يشار إلى أن أعداد هذه المليشيات، وفقاً لتقرير استخباراتي صادر عن ديوان استخبارات وزارة الدفاع العراقية، قد وصل إلى 53 مليشيا مسلحة في عموم مناطق جنوب ووسط العراق، فضلاً عن العاصمة بغداد بعد أن كان عددها 43 في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2014، مايعني أن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت ولادة مليشيا واحدة كل شهر.

وهذا يشابه ما جرى بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 حيث انتشرت ظاهرة مقاومة الوجود الأمريكي وتشكلت فصائل مقاومة كثيرة وسط انقسام سياسي مشابه لما يشهده العراق اليوم لكن الظرف الدولي والإقليمي الذي واجه المقاومة وساد بعد 2003 يختلف عن ظروف مواجهته في 2015. ففصائل 2003 قاومت أمريكا وسط انقسام محلي غير موات لها لكن الظرف الدولي والإقليمي كان مواتيا بسبب عدم وجود توافق دولي وإقليمي ومع ذلك انتهت إلى ما انتهت إليه بعد 3 أعوام .

وأما فصائل 2015 التي تريد مقاومة أمريكا اليوم فإنها تواجه انقساما محليا لكن الظرف الدولي والإقليمي تسوده اليوم بوادر توافق خصوصا بعد الاتفاق النووي قد لا تسمح لها بخوض تجرية مقاومة مشابهة لتجربة 2003. فهل يعيد التاريخ نفسه فتكون مقاومة الوجود الأمريكي بعد 2003 مشابه لمقاومته في 2015 وهل ستكون النتيجة الثانية مشابهة للأولى؟ أم إن عصر فوضى السلاح خارج الدولة قد انتهى، والعراق مقبل على زوال عصر “داعش” والمليشيات، سؤال نترك جوابه للأحداث لتجيب عليه فالأيام حبلى ولكل حادث حديث.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى