نحتفل في دولة الإمارات العربية المتحدة باليوم الوطني الـ47 إحياءً لذكرى قيام اتحادنا الحديث. لقد صار يوم الثاني من ديسمبر من كل عام يوماً خالداً بالنسبة لأجيال الإمارات في الحاضر والمستقبل، لأنه كان تدشيناً لاتحاد وطن يمتلك مقومات التلاحم ولديه هوية وطنية تجمع كل أبنائه تحت شعار «البيت متوحد».
إن ثقافتنا الشعبية والروحية في الإمارات تمثل عنوان اتحادنا، بما تحتويه من قيم وتقاليد صنعت رجولة الأجداد وصقلت صبرهم على التحديات التي واجهتهم. كما عملت مضامين الهوية الإماراتية في العصر الحديث على تقوية عزيمة الأبناء وتحفيز الأحفاد، فحققوا المعجزات خلال فترة قياسية قصيرة لم يتمكن خلالها أي شعب آخر من النجاح والتفوق.
نفخر أيضاً بمعرفتنا بأن تاريخنا الممتد بجذوره إلى قرون ماضية يجعلنا أبناء وطن إماراتي واحد، له ملامح جغرافية لم تتغير على مدى التاريخ. كما لم تنجح فترات الغزو الخارجي والاستعمار في تفتيت الوحدة الوطنية في وجدان وعقول أبناء الإمارات.
إن أعمار الدول والشعوب لا تقاس بتواريخ الاستقلال عن الاستعمار ولا بإعلان قيام الدول الحديثة، بل يقاس تاريخ الشعوب إلى ارتباطها بأرضها وبمدى تشكل منظومة تقاليد ثقافية وأنشطة اقتصادية وحركة تجارة وإعمار وتعليم وتواصل حضاري مع العالم.
لذلك فإن احتفالنا بالذكرى الغالية على قلوب كل الإماراتيين المتمثلة باليوم الوطني، هو احتفال بإنجاز وطني كبير يستحق الفخر، لارتباطه بتاريخنا المعاصر الذي له جذور وأحداث ومواقف بطولية وأيام مجيدة أخرى، لكننا نحتفل بذكرى الاتحاد الذي كان حلماً لدى الأجداد، إلى أن حققه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. لذلك نرى أن اليوم الوطني للإمارات هو اليوم الذي تعززت فيه الهوية الوطنية الاتحادية وعادت للإمارات قوتها وعاد اتحادها وتلاحمها الذي لم ينقطع ولم يتوقف من الناحية الاجتماعية والأسرية. ولن يفهم معنى «البيت متوحد» إلا أبناء الإمارات وبعض جيرانهم في منطقة الخليج العربي. لأن شعب الإمارات كان طوال تاريخه يتعاون ويتعايش ويواجه المحن ويحقق الانتصارات ويفتح الآفاق الحضارية بالتدريج لتحقيق الاندماج مع العالم الحديث والتخلص من عوائق الماضي.
لقد أرسى الشيخ زايد دعائم الاتحاد، لذلك نحتفل باليوم الوطني الذي فتح أمام الإمارات أبواب الخير، وأتاح الفرص للنهوض والتنمية والاهتمام بالمواطن وتعليمه ورعايته وتطوير مواهبه.
إن كل مواطن في الإمارات على صلة متينة بتاريخ الإمارات القديم والحديث. وكان قيام الاتحاد فرصة لجمع شمل الشعب وتوجيه طاقات أبناء الوطن لقهر المستحيل. وعندما نتحدث عن الإنجازات التي تحققت في ظل الاتحاد لن يتسع المجال لاستعراض الأرقام التي أحدثت الفارق بين الماضي والحاضر على كافة المستويات. ولم نعد نستغرب اندهاش الضيوف والسواح الذين يزورون الإمارات ويعبرون عن الإعجاب بما حققته على صعيد البنية التحتية والطرق والخدمات والإنشاءات التي نقلت الدولة إلى مستوى يندرج ضمن التنافسية العالمية في حقول ومجالات مختلفة.
لقد تعودنا في الإمارات على أن نطمح إلى المزيد من الإنجاز، وأصبحت القاعدة التي تحكم الأداء هي القليل من الكلام والكثير من العمل. لذلك تحققت العديد من المنجزات بفضل عزيمة القيادة ونهجها المساند والمشجع لكل أبناء الوطن.
في السنوات الأولى التي أعقبت قيام الاتحاد، كنا نتحدث عن التعليم والصحة والطرق والجامعات والمشروعات العملاقة في البنية التحتية وإعمار المدن وتوطين السكان والبعثات التعليمية الخارجية.. وكل تلك المؤشرات أصبحت راسخة وتضاف إليها إنجازات متجددة. والآن في الذكرى الـ47 لليوم الوطني أصبحنا نتحدث عن إطلاق قمر صناعي إماراتي بأيادي وخبرات إماراتية، وعن أبحاث في علم الفضاء تقودها الإمارات سعياً لدراسة الغلاف الجوي للأرض ولكوكب المريخ، وعن استعدادات متواصلة لاستكشاف المريخ عبر مسبار الأمل.. لذا فنحن نحتفل بيومنا الوطني لأنه فتح أمامنا كل أبواب الأمل والعمل الجاد.
كاتب إماراتي