67 % نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات النيابية والبلدية.
هذا رقم يجب أن نتوقف عنده مطولا. هذا بعبارة أدق، حدثٌ تاريخي فريد يجب أن نقرأ ما يعنيه جيدا.
هذه ليست فقط أعلى نسبة مشاركة في تاريخ البحرين، لكنها الأعلى بالمعايير العالمية. على سبيل المثال فقط، نسبة المشاركة في انتخابات الكونجرس الأمريكي الأخيرة بلغت 49,2%. وقد تم اعتبار هذه النسبة مرتفعة جدا ومشاركة قياسية، إذ إن النسبة في انتخابات 2014 لم تتجاوز 37%. كما أن متوسط نسبة المشاركة على امتداد العقود الماضية بلغ 40%.
إذن، هذا إنجاز جديدٌ وكبير جدا لشعب البحرين وللعملية الديمقراطية في البلاد.
مرة أخرى، يثبت شعب البحرين أنه يتحلى بوعي وطني متقدم جدا، ويثبت أنه لا يمكن أن يخذل الوطن في أي وقت وفي أي ظرف.
لنلاحظ هنا أن الشعب أصر على المشاركة في الانتخابات بهذه الكثافة غير المسبوقة على الرغم من عدم الرضا العام عن أداء مجلس النواب في السنوات الماضية.
أصر الشعب على هذه المشاركة على الرغم من حملة التضليل والتحريض التي اعتدنا عليها من وسائل إعلام أجنبية ومنظمات مشبوهة حاولت التشكيك في الانتخابات وتحدثت عن مقاطعة مزعومة.. وهكذا.
لكن ماذا يعني هذا بالضبط؟.. ماذا تعني نسبة المشاركة التاريخية غير المسبوقة هذه؟
قبل كل شيء، شعب البحرين وجَّه صفعة مدويِّة لكل الذين حاولوا التشكيك في الانتخابات أو تشويه العملية الديمقراطية، والذين تصوروا أن بمقدورهم تخريب الانتخابات مثل النظام الإيراني وعملائه، وأخرسهم تماما.
وشعب البحرين أثبت أنه شديد الحرص على المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ويصر على إنجاح التجربة الديمقراطية ودفعها إلى الأمام.
وشعب البحرين أثبت أنه يريد من الفترة القادمة أن تكون مرحلة جديدة من العمل الوطني ترتقي إلى مستوى ما تواجهه البلاد من تحديات، ويكون أحد أركانها الأساسية برلمانا قويا يؤدى واجبه تجاه المواطن والوطن على الوجه الأكمل.
وشعب البحرين أثبت أنه شريك أساسي في صنع السياسة العامة، وأنه يتطلع في الفترة القادمة إلى أن يكون له صوت أعلى وأقوى في صناعة القرار الوطني وفي العملية الديمقراطية في البلاد.. صوتٌ يجب أن ينصت له الجميع ولا يتجاوزونه.
وماذا يعني هذا الإنجاز التاريخي لشعب البحرين بالنسبة إلى الدولة، وبالنسبة إلى البرلمان القادم؟
يعني أن الدولة يجب أن تدرك أن شعب البحرين يستحق الكثير.. يستحق الكثير وفاء لدوره التاريخي ودفاعه عن الوطن وحماية تجربته الديمقراطية.
ويعني أن شعب البحرين يستحق برلمانا قويا يقوم بواجبه الدستوري والوطني على الوجه الأكمل خدمة للوطن والمواطن. والدولة يجب أن تمكن البرلمان من أداء دوره بفعالية وقوة. والنواب أنفسهم يجب أن يدركوا أنهم أمام مسؤوليات جسيمة يجب أن يضطلعوا بها.
بطبيعة الحال، أهمية الانتخابات لا تتوقف عند نسبة المشاركة الشعبية.
هنالك دلالات مهمة جدا يجب أن نستخلصها من طبيعة المشاركة الشعبية، ومن اختيارات الناخبين للنواب وأعضاء المجالس البلدية وما يعنيه كل هذا.
لكن يجب انتظار النتائج النهائية للانتخابات وما سوف تسفر عنه كي نتوقف عند هذه الدلالات.
أما الآن، فيحق لكل أبناء الوطن أن يفخروا بأنفسهم وبإنجازهم التاريخي الذي أصروا على تحقيقه.