يخطئ الإسرائيليون إن هُم ظنوا أن وصفهم لسفيرهم جورج «ديك» المسيحي ذي الأصول الفلسطينية بالوسيم الأنيق الموهوب الشهاب الساطع، يمكن أن يمحو صورة الدولة المحتلة الإرهابية الفاسدة والمعطوبة من الداخل والعنصرية!
ويخطئ الهنود إن هُم اعتقدوا كذلك أن اختيارهم للدجاجة الكشميرية المسلمة «نوسرت»، الأم المتزوجة ذات الثلاثة عيال ملكة للجمال، يمكن أن يطمس الأفعال بل الأهوال التي ترتكب في حق كشمير!
لا «الديك» الإسرائيلي ذو الأصول الفلسطينية على وسامته، ولا «الفرخة» الكشميرية على جمالها سينجحان، مهما انطلقا للترويج في العواصم والمدائن، عن قوّتين تسلبان أرض شعبين، وتأخذان ملايين البشر كرهائن!
كنت أبحث عن أصول «ديك»، فاكتشفت أن والده يوسف كان رجلًا وطنيًا مخلصًا لياسر عرفات ولفلسطين، وكان بحُكم منصبه كرئيس للطائفة الأرثوذكسية يتصدَّى لسلطات الاحتلال أثناء سلبها للأملاك في يافا!
بحثتُ عن «ديك» في اللغة فوجدتُ «داك» و«دكا» و«دوكة»، واكتشفت أن جورج بالفعل يُمثِّل الدوكة العربية كلها، وليس الفلسطينية وحدها، فداك القوم «مرضوا ووقفوا في اضطراب وقلق»، وتدايك القوم «تضايقوا في شر أو حرب»، والدوكة «فتنة وخصومة»!
في ضوء ذلك، يُخطئ مَن يُردِّد الآن أن المسيحيين الفلسطينيين تغيَّروا، فيما ظل اليهود هم اليهود، وصار اليهود العرب.. ويُخطئ مَن يُروِّج لحتمية الاستسلام أو الهوان أو التنازل والانحناء بلا سبب!
تُخطئ كل أم فلسطينية بل عربية مسلمة كانت أو مسيحية؛ طالما بقي الأقصى أسيرًا والقدس محتلة، أن تقول لابنتها يا بنية! لم يعد العدو عدوًا، ولم يعد بين الأخ وأخيه أخوة!
ويُخطئ كل أب فلسطيني وعربي ينطق بالضاد إن هو قال لابنه: لا تحزن.. يكفي أن نأخذ بعض الأبعاض، أو بعض وطن!
قرأتُ في «الشرق الأوسط» تقريرًا لمراسل من تل أبيب يقول: إنه منذ قرَّر الفلسطينيون القبول بالسلام على الطريقة التي تمت تضاعف عدد المستوطنين خمس مرات!
قلت، هدنة وراء هدنة! وجزار مسنون يدعمه صهاينة ومرتزقة، يخلون له بين المدية والرقبة!
وجاء في التقرير المثير للمركز المُتخصِّص في شؤون الأراضي والاستيطان، إنه في الوقت الذي بادرت فيه القيادة الفلسطينية الوطنية الشرعية للحل السلمي وقبول دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، اتجهت الأخيرة لترسيخ احتلالها للأرض وتهويد القدس بشكل غير مسبوق!
قلت هكذا! اتفاقية وراء اتفاقية.. حتى طالت سنوات الغفلة، وجاء اللصوص القتلة يساومون مع بعض الخونة السفلة!
يضيف التقرير المثير: هذا ما حدث في فترة السلام! قلت فلنُسمّها إذن فترة الاستسلام أو الهوان.. في تلك الفترة المشؤومة كان عدد المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية 138 مستوطنة، أصبحت اليوم 225، ولم تكن هناك بؤر استيطانية، أصبحت اليوم 292 بؤرة!
في فترة السلام! كانت تلك المستوطنات تسيطر على نحو 136000 دونم من الأرض، وهي تسيطر الآن على نصف مليون دونم.. إنها إذن فترة مصنوعة ومخصصة للتراجع والخذلان برعاية صهيونية عالمية!
يقول التقرير المفجع: إن عدد المستوطنين كان 81600 في سنة 1990 وأصبح اليوم 436 ألفًا.. وأما في القدس الشرقية فقد تضاعف عدد المستوطنين ثلاث مرات من 77 ألفًا سنة 1983 إلى 230 ألف مستوطن حتى سنة 2017، هل عرفت الآن كيف وصلنا أو أوصلناهم لصفقة القرن؟!
في المقابل، هل عرفت الآن لماذا ترتعد إسرائيل من مسيرات العودة التي تعتبر صفقة القرن مجرد ورقة توت، لن تستر عورات العالم، مهما فعل السمسار الحوت.. عائدون.. عائدون للأرض وللبيوت!