لا نكاد نستمع لقناة إعلامية عالمية إلا ونسمع الكثير والكثير عن السعودية، خصوصاً بعد حادثة خاشقجي، التي أخرجت حقائق ما بالأنفس من حقد وحسد لهذا البلد، فكأن الكون قد نسي وغفر كل كوارث الحروب والأسلحة الكيميائية وفظائع الميليشيات، وخبايا حكومات الاعتقالات والإخفاء القسري، والمعتقلات خارج الحدود، والمقابر الجماعية، وتشريد وقتل الطفولة، ولم يعد على الخاطر، إلا قضية من الممكن أن تحدث في كل تلك البلدان، ويكتنفها الخفاء، وتمرر، بإجراءات داخلية، لا يسمع عنها أحد.
يبدو أن السعودية الجديدة، أرهقتهم، وجعلتهم ينظرون إلى أنفسهم في مرايا حسراتهم، وإلى شروخ أمنياتهم، وإلى تكثف حسراتهم، فينقلبون على أنفسهم يتباكون، وكل يلطم الخد وينثر التراب على رأسه، ولمَ لا وقد سنحت لهم فرصة نادرة، للنيل من كيانات السعودية المتينة، ومن شعبها العظيم، ومن تلاحم جميع مكوناتها، واستعصائها على المخربين والمعارضين والإرهاب وعلى من يسعون لتدمير داخل الوطن السعودي، واستهداف الحرمين الشريفين.
نعم تلك حقيقة يجب التوقف عندها، لقد أتعبتهم السعودية برؤيتها، ومتانتها، وقوتها، وبجمعها للعرب والمسلمين، ولكل من يسعى للسلام، وهذا بالضبط ما يثيرهم، ويقض مضجعهم، ويجعلهم يضخمون أي قضية، ويطلقون أعِنَّة خيالهم المريض للربط بين كل قضية خاسرة أو شريرة تحدث في العالم، وبين السعودية.
انتخابات أميركا متأثرة حسب وجهات نظرهم بما تقوم به السعودية، وهي وحدها من يحرك سعر البترول عالمياً، وهي من تسببت في الحصار الاقتصادي على إيران، وهي العنصر الأساس فيما يحدث لسورية وبشار، وهي من رتبت لصفقة القرن، رغم أنها ترفضها جملة وتفصيلاً، وتعيد الأمر إلى أهل الشأن، فلا تتقدم برأيها قبل أن يقول الفلسطينيون رأيهم، وهي لا تنافس من تدخلوا من هنا وهناك، علناً، للمصالحة بين اليهود، وبين الفلسطينيين.
الخلافات بين الدول العظمى، أيضاً اتهمت السعودية بأن لها يداً عظيمة فيها، ولا نستبعد أن تتهم أيضاً بأنها من يؤخر ظهور مخلوقات في الكواكب البعيدة.
السعودية أتعبتهم، وجعلتهم يسخرون أبواقهم وحيلهم، ويصرفون مقتنيات شعوبهم على وهم زوال السعودية، وهم بوهمهم مُتعَبون.
