في الأيام الماضية، جرت في قاعدة محمد نجيب العسكرية في مصر مناورات عسكرية عربية كبرى هي «درع العرب 1». شاركت في المناورات جيوش ست دول عربية هي: مصر، والسعودية، والامارات، والبحرين، والكويت، والأردن، كما شارك لبنان والمغرب كمراقبين.
الفريق محمد فريد رئيس الأركان المصري قال ان هذه المناورات: «من أهم التدريبات العسكرية العربية التي تساهم في دعم أواصر التعاون العسكري في ظل التحديات المشتركة التي تهدد الأمة العربية». وأضاف أن «الهدف الأساسي للتدريب هو الجاهزية والاستعداد الدائم للحفاظ على السلام في المنطقة العربية ضد كافة التهديدات على المستويات الإقليمية والدولية في ظل ما تواجهه المنطقة من تحديات وتهديدات».
مناورات «درع العرب 1» لها أهمية كبيرة لأسباب كثيرة، في مقدمتها ان هذه هي المرة الأولى التي تجتمع فيها جيوش هذه الدول العربية مجتمعة في مناورات مشتركة كهذه. وهذا في حد ذاته تطور مهم كبير.
وهذه المناورات، بالإضافة إلى الأهداف التي ذكرها رئيس الأركان المصري، بمثابة رسالة إلى الدول والقوى المعادية للأمة العربية والتي تستهدف أمن واستقرار دولنا.. رسالة مؤداها ان الدول العربية لديها المقدرة العسكرية المشتركة على ردع وصد أي خطر أو تهديد.
هذه المناورات تأتي لتلفت النظر مجددا إلى قضية كبرى لم تعد تحظى للأسف بكثير من النقاش والاهتمام على الساحة العربية على الرغم من أهميتها الحاسمة.
نعني بذلك قضية الضرورة الاستراتيجية لإنشاء تحالف عسكري عربي ثابت ودائم للتعامل مع الأخطار والتهديدات والتحديات التي تواجهها الدول العربية.
المسألة هنا ان التطورات التي تشهدها المنطقة، ومواقف الدول الكبرى من قضايانا العربية بما في ذلك الدول الحليفة مثل أمريكا وما تمارسه من ابتزاز، تؤكد انه ليس أمام الدول العربية سوى ان تعتمد على انفسها أساسا وعلى قواها الذاتية في مواجهة الأخطار والتهديدات لأمنها واستقراها، وأن من الخطأ الفادح الرهان على أي دولة اجنبية.
ولا بد من وجود اطار استراتيجي عسكري وسياسي دائم وثابت للجهود العسكرية العربية المشتركة. هذا الإطار هو بالضرورة تحالف استراتيجي عسكري.
لدينا في اطار جامعة الدول العربية الإطار المنظم لأي شكل من اشكال التعاون العسكري العربي هو «اتفاقية الدفاع المشترك».
ولدينا أيضا القرار الذي سبق ان اتخذته القمة العربية في شرم الشيخ عام 2015 بإنشاء قوة عسكرية عربية موحدة.
ومع ذلك، نعلم انه من الصعب ان نتحدث اليوم عن تحالف عسكري عربي يضم كل الدول العربية، لأسباب كثيرة ليس هنا مجال الخوض فيها.
ولهذا، كتبنا اكثر من مرة ان هذا التحالف الاستراتيجي العسكري المنشود يجب أن يبدأ بعدد محدود من الدول العربية تمثل النواة الصلبة له، ويمكن ان تنضم إليه لاحقا أي دولة عربية تريد.
وذكرنا مرارا انه في الوقت الحاضر فإن الدول العربية التي بينها اكبر قدر من التوافق الاستراتيجي هي: مصر والبحرين والسعودية والامارات. ولهذا، فهذه الدول الأربع هي المرشحة لتشكيل التحالف الاستراتيجي وقيادته.
هذه قضية لا تحتمل المماطلة والتأجيل كثيرا ونأمل ان يبادر قادة دولنا بحسمها.
الأخطار ضد دولنا تتفاقم ولا يلوح في الافق انها يمكن ان تنحسر أو تتراجع.
وفي نفس الوقت، فإن التسويف والتردد في تشكيل التحالف العربي الذي ننشده يتيح المجال لاقتراح صيغ أخرى لا يمكن ان تخدم المصالح العربية في تقديرنا، ومثال ذلك هذا «الناتو العربي» الذي تقترحه أمريكا.
على الأقل، التحالف الاستراتيجي العسكري العربي يجب أن يعود إلى تصدر الاهتمامات الرسمية العربية، وأن تتكثف الجهود من أجل حسمها.