أنهت نتائج الانتخابات التشريعية الأميركية لمجلسي النواب والشيوخ سيطرة الجمهوريين على الشيوخ والنواب معاً، كي يتقاسم الحزبان الجمهوري والديمقراطي سيطرتهما على المجلسين كل منهما على مجلس، الجمهوريون على الشيوخ، والديمقراطيون على النواب؛ ما يؤكد أن التجاذب والاصطفافات ستبقى حادة بين الحزبين، ويعملان بجدية من طرفيهما نحو معركة الرئاسة التنفيذية، والتنافس بينهما على موقع البيت الأبيض ورئاسته، فالجمهوريون سيخوضون المعركة المقبلة بعد سنتين مسلحين بموقعي الرئيس ومجلس الشيوخ، وتوظيفهما لمصلحة الرئيس ترامب كي يفوز بولاية ثانية، والديمقراطيون عبر مجلس النواب سيبقون مستنفرين للاستحقاق المقبل والعمل على الفوز بمنصب رئيس الجمهورية للمرشح الديمقراطي غير المعروف بعد.
الديمقراطيون معتمدون على عاملين : أولهما محاولات تقليص نفوذ الرئيس وتحجيم مبادراته نحو القضايا الاجتماعية والاقتصادية ذات الطابع الخلافي مع الجمهوريين، وثانيهما متابعة تحقيقات المحقق روبرت مولر بشأن التدخل الروسي لصالح ترامب في انتخابات الرئاسة الماضية عام 2016، وكذلك شبهات حول تهربه الضريبي.
من المستبعد الإطاحة وفق المعطيات القائمة بالرئيس ترامب من قبل الديمقراطيين من خلال إجراءات التقاضي ووسيلة العزل نظراً لامتلاك الجمهوريين للأغلبية البرلمانية في مجلس الشيوخ، ولذلك سيواصل الديمقراطيون تحجيم صلاحيات الرئيس وإعاقة إدارته وإضعافه، وتسجيل النقاط التراكمية ضده طوال فترة ما تبقى له من وقت الرئاسة وصولاً ليوم الاستحقاق الانتخابي عام 2020.
إدارة الرئيس ترامب ستكون في حالة اختبار جدية وحقيقية مع وصول قافلة اللاجئين بوعي وقرار مسبق بعد مسيرتهم الطويلة الشاقة على الأقدام قاطعين الاف الكيلو مترات من بلدان أميركا اللاتينية الفقيرة نحو الولايات المتحدة كبلد ثري متمكن يُتيح لهم فرص الحياة الفضلى، فالرئيس اتخذ قراره بالمرسوم الرئاسي بحرمان المتدفقين عبر الحدود حق اللجوء، ونشر الاف الجنود والشرطة وحرس الحدود مسبقاً لمنع دخول العائلات اللاتينية التي يزداد عددها مع المرور من البلدان المجاورة في طريقهم إلى مبتغاهم الأميركي.
إدارة ترامب ستواجه تدفق اللاجئين إما بالحزم والقسوة، فتقابل بالإذراء وفقدان الحس الإنساني والمطالبة بالتعامل وفق القوانين الدولية كما فعلت الأمم المتحدة حيث طالبت واشنطن بالتعامل القانوني الإنساني مع اللاجئين، أو أن ترامب سيرضخ للأمر الواقع، وسيُهزم أمام قرار وشجاعة اللاجئين؛ ما يفقده مصداقيته وتراجعه عن إصراره على رفض استقبال اللاجئين.
ترامب سيهزمه تطرفه وعنجهيته، وافتقاده لروح القيادة ومتطلباتها، متوهماً أن الحياة مجرد صفقات تجارية خالية من الإنسانية والحس بالمسؤولية، فالانقلابات السياسية التي افتعلها مع أقرب أصدقاء بلاده وحلفائها تركت بصمات ثقيلة أفقدت الولايات المتحدة مصداقيتها بدءاً من الإنسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، مروراً باتفاقية المناخ، وليس انتهاء مع قضايا حلف الأطلسي وحروب التبادلات التجارية مع كندا والمانيا واليابان وغيرهم، والتصادم مع روسيا والصين، وتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني التي لم يتمكن الرؤساء الأربعة بوش وكلينتون وبوش الابن وأوباما تجاوزها، ولكنه عمل على شطبها من دون أي اعتبار لقرارات الأمم المتحدة؛ ما يدلل على ضعف خبرته وتماديه؛ ما سيسبب له الفشل المتوقع.