رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أعلن في مؤتمر صحفي ان حزب الله يتعمد عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية.
قبل ان يعلن الحريري هذا، كان الكل في لبنان وخارجه يعلم ما يجري.. يعلم ان حزب الله هو السبب في عدم إعلان تشكيل الحكومة حتى الآن.
يحدث هذا على الرغم من مرور نحو ستة اشهر على بدء مشاورات تشكيل الحكومة، وبعد ان كانت تقارير قد أكدت ان الحريري شكل الحكومة بالفعل ولم يبق سوى إعلانها.
الذي حدث ان حزب الله افتعل مشكلة جديدة وأصر على ان ينضم إلى الحكومة وزير ينتمي إلى من يسميهم اللبنانيون «سنة حزب الله».
هكذا ببساطة شديدة. حزب مصنف إرهابيا يفرض سطوته على الدولة اللبنانية بأسرها ويمنع تشكيل الحكومة على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان. ووصل الأمر إلى حد ان الأمين العام للحزب أعلن مؤخرا انه من دون تلبية شروطه، لن تكون هناك حكومة في لبنان أصلا.
بالطبع، القضية اكبر وأبعد بكثير من مجرد شرط يضعه الحزب بتعيين وزير ينتمي إلى هذا الفصيل أو ذاك.
القضية بداية ان هذا حزب طائفي يفرض سطوته على لبنان كله بقوة السلاح الذي يمتلكه، ويتصرف بمنطق ان بمقدوره هو وحده ان يملي ما يشاء على الدولة كلها، وأنه ما على الآخرين سوى الرضوخ تحت إرهاب السلاح.
والقضية ان هذا الحزب ولاؤه ليس للبنان ولا لأي مصلحة لبنانية، ولا يعنيه هذا في شيء أصلا. الحزب ولاؤه الأول والأخير هو لإيران، ويعتبر نفسه مجندا أصلا لخدمة المصالح الإيرانية حتى لو تعارضت تماما مع مصلحة لبنان وشعبه، وحتى لو كانت تعني دمارا وخرابا للبنان.
لهذا، بمقدور المرء ان يجزم بأن قرار تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية هو قرار إيراني ينفذه حزب الله.
ونستطيع ان نفهم لماذا قد يقرر النظام الإيراني تعطيل تشكيل حكومة لبنان على ضوء الظروف الحالية في المنطقة، والأزمة الطاحنة التي يعيشها النظام، ومعه حزب الله نفسه.
النظام الإيراني معزول ومحاصر بسبب العقوبات الأمريكية القاسية التي فرضت عليه، وتنتظره أيام سوداء، وأوضاع اقتصادية واجتماعية مأساوية لا احد يعرف إلى ماذا سوف تتطور.
ليس هذا فحسب، بل يواجه النظام الإيراني إصرارا أمريكيا حازما من إدارة ترامب على حتمية ان ينهي دوره الإرهابي في المنطقة، ويوقف دعمه للقوى والمليشيات العميلة له، وأولها حزب الله.
في ظل هذه الظروف، يريد النظام الإيراني ان يثبت ان قوته ونفوذه في المنطقة لم يتغير ولم يهتز، وأن عملاءه من أمثال حزب الله لديهم القدرة على ان يفعلوا ما يشاؤون، ولهذا دفعت الحزب إلى اتخاذ هذا الموقف وتعطيل تشكيل الحكومة. بعبارة أخرى، النظام الإيراني بتعطيله الحكومة واحتجاز لبنان رهينة على هذا النحو يستعرض عضلاته رغم أزمته الطاحنة.
الأمر الآخر انه من الوارد ان يفكر النظام الإيراني بمنطق ان حكومة لبنانية جديدة يتم تشكيلها سوف تتعرض حتما لضغوط شديدة كي تعلن التزامها بالعقوبات المفروضة على إيران، وربما على حزب الله نفسه. وتخشى ان الحكومة اللبنانية ان هي فكرت في هذا الاتجاه فسوف تتلقى دعما دوليا وإقليميا قويا، الأمر الذي سيشكل ازمة إضافية كبرى لإيران وعملائها.
المهم في كل الأحوال ان الإرهاب الإيراني يحتجز لبنان كله رهينة ويدمر أي مصلحة لشعبه.
ولهذا، لن يكون هناك خلاص للبنان، وأيضا للعراق واليمن، وأي مكان يمارس فيه النظام الإيراني إرهابه، إلا إذا تلقى هذا النظام ضربات موجعة تجبره على ان يوقف إرهابه في المنطقة، وتحجم بالتالي الإرهاب الذي يمارسه عملاؤه في لبنان وغيره.