منذ سنوات، نواجه تيارًا «ظلاميًا»، يمثله بعض الهدَّامين الباحثين عن الشهرة، بانتهاجهم القبح والجهل وإفساد الذوق العام، وتشويههم العديد من رموز الوطن وعلاماته المضيئة على مر العصور.
بالطبع لا نتحدث عن الحرب المستعرة على «أوهام التريند» عبر مواقع التواصل الاجتماعى بين الثنائى حمو بيكا ومجدى شطة، اللذين شغلا الرأى العام على مدى أيام، نظرًا لجهلى وثقافتى المحدودة فى «عالم الفن»!!
نتصور أن هناك مشكلة أكبر تفوق «أساطير الكيف»، ظهرت بالفترة الأخيرة، فى شوارع مصر وميادينها، من خلال تماثيل مشوهة، أساءت لرموزٍ مصرية فى مجالات مختلفة، كان آخرها ظهور تمثال اللاعب الدولى محمد صلاح، خلال منتدى شباب العالم.
جدل مستمر وانتقادات لم تتوقف صاحبت ظهور التمثال، بسبب شكله الشاحب القبيح، الذى كان مثار سخرية خمسة آلاف من ضيوف مصر فى شرم الشيخ، حيث سادت حالة من الانتقادات، وصل صداها إلى كثير من دول العالم.
الاستياء الواضح الذى أعقب ظهور تمثال محمد صلاح، فتح من جديد، ملف التماثيل المشوَّهة التى أصبحت سمة مميزة لبعض الشوارع والميادين فى الفترة الأخيرة، خصوصًا عند مقارنته بتماثيل رائعة وفريدة أبدعها المصريون منذ عصور الفراعنة.
نتصور أن إصرار المنظمين على صبِّ التمثال بالبرونز، وضيق الوقت، أخرجاه بهذه الصورة غير المُرضية، وعبَّر بوضوح عن سقطة كبيرة، سواء من مصممته، أو من خلال متخذى قرار وضعه فى المنتدى العالمي.
ما حدث مع محمد صلاح، سبق أن تعرض له كثيرون من مشاهير الفن، حيث تم تشويه تمثال الموسيقار محمد عبدالوهاب بميدان باب الشعرية، وقبله طلاء تمثال كوكب الشرق أم كلثوم فى حى الزمالك، بـ«الدوكو».. ليبدو وكأنه نوع من التشويه المتعمد!
كما لم يَسلم من التشويه تمثال صاحب العبقريات عباس العقاد فى محافظة أسوان، ومن قبله تمثال عميد الأدب العربى طه حسين بالمنيا، بالتزامن مع وجود تمثال أكثر سوءًا وبشاعة للملكة «نفرتيتي» فى سمالوط.. وفى سوهاج أُزيل تمثال مشوَّه للملك رمسيس الثاني، صنعه أحد العاملين بمجال «الجبس» كإعلان عن ورشته!
الأمثلة كثيرة، وتستعصى على الحصر، بدءًا بتمثال «قبضة مازنجر» فى الإسماعيلية، وليس انتهاءً بـ«عروس البحر» فى سفاجا، الذى يشبه إلى حد بعيد الراقصة «صافينار»!
أما فى ببورسعيد التى لم تكن بعيدة عن التشويه؛ فقد وُضِع تمثال يشبه «ببرونة» الأطفال، فى حين ضمَّت جامعة المنصورة تمثالًا يثير الدهشة، زعم صممه أنه يرمز إلى «طائر الحكمة»!
للأسف، تلك التماثيل المشوهة التى انتشرت فى العديد من شوارع مصر وميادينها، نتصور أنها نتيجة طبيعية لسعى بعض مسؤولى المحليات والأحياء إلى التملق أو تحقيق الشهرة أو «السبوبة» على أقل تقدير!
كما أن «فهلوة» بعض «البيروقراطيين» المتملقين، جعلهم يُقدمون على «التحرش واغتصاب» بعض التماثيل ذات القيمة العالية، مثل «إيزيس» و«الفلاحة المصرية» فى الجيزة، اللذين كانت حالتهما جيدة وقيمتهما الفنية كبيرة، إلا أن الترميم شوههما بشكل فاضح!
إننا نعتقد أن الخطأ يكمن فى تصدى المحليات لهذا الأمر، وعدم الاستعانة بالمتخصصين، مثل «التنسيق الحضاري» ونقابة الفنون التشكيلية، وكليات الفنون الجميلة، وترك الموضوع فى أيادٍ «جاهلة» تعبث وتشوه قامات مصرية.
أخيرًا.. لو قُدِّر لأحدٍ من هذه الرموز الشهيرة أن يكون شاهدًا على ما يحدث، ورأى تمثاله على هذا النحو المزرى والمشوَّه، لنطق ساخرًا: «أنا مش عارفني.. أنا تُهت مني.. أنا مش أنا، لا دى ملامحي، ولا شكلى شكلي، ولا ده أنا»!