منذ أيام أعلنت تركيا وكررت أن بحوزتها تسجيلات ذكرت أنها توثق ماحدث للصحفى السعودى جمال خاشقجى حين قتل داخل قنصلية بلده بمدينة إسطنبول يوم 2 أكتوبر الماضى. وأن هذه التسجيلات التى تصل إلى 22 دقيقة توضح عملية الاستجواب السريع لخاشقجى قبل أن يتم قتله، و تشير بوضوح إلى تفاصيل الحديث بين فريق الاغتيال وخاشقجى والحوارات التى تمت فى أثناء تنفيذ الجريمة.
هناك واقعتان خطيرتان فى هذه التصريحات: الأولى تتعلق بجريمة القتل التى تمت داخل القنصلية السعودية وهذا موضوع اعترفت به المملكة وما زال يأخذ طريقه فى استكمال التحقيق، أما الثانية فتتعلق بتسجيلات أعلنت عنها تركيا، واضح أنها تمت داخل القنصلية السعودية مما يثير عدة تساؤلات أولها: هل من المألوف أن تسجل دولة مايدور خلف جدران مبنى له حصانته الدبلوماسية؟
إن القنصلية السعودية فى إسطنبول تعتبر أرضا سعودية داخل تركيا لها حصانتها المعترف بها، ولا شك أن التسجيل داخلها ــ وقد تم سرا ــ يعد انتهاكا لحصانة هذه الدولة، وأخطر من ذلك أنه يعنى أن تركيا لابد أنها تمارس هذا العمل غير المشروع فى مختلف سفارات وقنصليات الدول لديها مما يعتبر عملا مخالفا للأعراف والقوانين الدبلوماسية المتفق عليها. وحتى فى الحياة العادية فإن المحاكم لا تأخذ بالتسجيلات التى تتم سرا إلا إذا كانت لها شرعيتها كأن يكون قد سبق التسجيل بإذن من القضاء بإجرائه، أما غير ذلك فلا يعتد بالتسجيل ولا تناقشه المحكمة.
فى قضية جمال خاشقجى هناك اعتراف بأنه تم قتله وكما قلت من قبل فإن سيناريو القتل الذى تم يعد من أغبى السيناريوهات التى شهدتها مثل هذه الجرائم وسيحاسب بلا شك من قام به, ولكن الذى تم اكتشافه وهو أمر خطير جدا فى العلاقات الدولية أن هناك دولة تسجل لدولة بل للدول الأخرى. وبالتالى فهى ليست جريمة ترتكبها تركيا فى حق المملكة السعودية وإنما فى حق كل العالم الذى تنتهك خصوصياته. هل هناك من يحاسب؟