نون والقلم

شريف قنديل يكتب: الفرح والهلع العربي.. من رشيدة وإلهام

أفهم أن يبالغ بعض العرب والأفارقة والمسلمين في الفرح بفوز مسلمتين بمقعدين في مجلس النواب الأمريكي، لأسباب متعددة، لكني لا أفهم سر الفزع والهلع؛ الذي انتاب فريق آخر!

أما عن أسباب الفرح، فمنها ما هو نفسي يتعلق بالأمل، ومنها ما هو وطني يتعلق بالانتماء، ومنها ما هو إنساني يتعلق بقِيَم العدل والتسامح، وحقوق الإنسان.

ومن ذلك أن يشعر الفلسطينيون ومَن يُحبهم بنسمة أمل، وبالزهو -على الأقل- حين تدخل النائبة رشيدة قاعة مجلس النواب بالزي الفلسطيني.. وأن تطل النائبة إلهام بوجهها الصومالي، مُذكِّرة ببلدها وموطن آبائها وأجدادها.

صحيح أن رشيدة لن تُحرِّر فلسطين، بل لن تَحول دون نقل السفارة، وصحيح أن إلهام لن تمنع الإرهاب من العبث في الصومال، ولن تدخل بها في مجموعة العشرين، لكن أحدًا عاقلاً لا يمكن أن يعترض أو يمنع فرح الفلسطينيين والعرب الصوماليين والأفارقة بفوز النائبتين.

في المقابل، وصل الغضب لفوز النائبتين حد الهلع والفزع.. فمن قائل: إنهما جهزتا للحرب على الأمتين العربية والإسلامية، ومن قائل: إنهما ستكونان بمثابة قنبلتين ستنفجران في وجهنا، وسكينتين ستطعنانا في ظهرنا!

لقد وصل التوجس بأحدهم حد اتهام الفلسطينية بالخيانة، والصومالية بالفسوق والعصيان، فهل هناك هذيان أكثر من ذلك؟، نعم فيه.. فقد توصل أحدهم إلى أن الشريرة الأولى كافرة، والشريرة الثانية شاذة!

لا أظن أن الناس في بورتريكو قابلوا فوز ابنتهم ألكساندرا ذات الـ٢٩ عامًا بهذه العاصفة من التوبيخ، ولا أعتقد أن أي جنسية في العالم ترفض أو تلفظ شابًا أو فتاة نجحا في مجلس النواب الأمريكي.

فقط وحصرًا أو حصريًا نحن العرب، نفعل في أنفسنا ما نفعل، وندخل مع بعضنا البعض في حروبٍ وهمية وفي جدلٍ عقيم؛ على النحو الذي حدث في المعركة الدائرة حول النائبتين.

أخشى أن تُنسينا أو تشغلنا المعركة التافهة حول فوز النائبتين المسلمتين عن عدة حقائق مهمة لعل أهمها: روعة ذلك الدستور الأمريكي الذي يضمن لمواطنة فلسطينية الأصل، ولاجئة صومالية الأصل، كل الحقوق، بما في ذلك الوصول لمجلس النواب وسدّة الحكم.

نقلا عن صحيفة المدينة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى