نون – أبوظبي – أحمد عناني
بحضور سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، نظم المركز، مساء أمس الأربعاء، محاضره بعنوان “أمن الخليج في فكر الشيخ زايد”التي ألقاها الدكتور نايف علي عبيد، الباحث في مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، وحضرها نخبة من الكتاب والباحثين والمفكرين والصحفيين، وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بمقر المركز في أبوظبي.
في مستهل المحاضرة، وجَّه المحاضر الشكر إلى سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي؛ لدعوته إلى إلقاء المحاضرة، مثمّناً الدور الذي يقوم به سعادته في إثراء الحياة الثقافية عبر إسهاماته الفكرية المتميزة، ومشيداً بالدور الذي يقوم به مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في دعم صانع القرار، وفي خدمة المجتمع.
وتحدث الدكتور نايف علي عبيد عن الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لمنطقة الخليج، مشيراً إلى سياسات القوى الإقليمية تجاه المنطقة، وذكر أنه عقب إعلان بريطانيا، في أواخر الستينيات من القرن العشرين، عزمها على إنهاء وجودها العسكري شرق السويس، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية “مبدأ نيكسون”، الذي يقوم على اعتماد واشنطن على الدول الحليفة (إيران والمملكة العربية السعودية)؛ لحماية أمن منطقة الخليج بدلاً من التدخل المباشر، فيما ركزت السياسة السوفييتية على تجنُّب الانزلاق إلى المواجهة العسكرية المسلحة مع الغرب في المنطقة؛ إذ أدركت موسكو أن هذه المنطقة بمنزلة “خط أحمر” بالنسبة إليها، ومن جهتها ركزت السياسات الأوروبية على ضمان وصول النفط إلى أوروبا بأسعار معقولة.
وذكر المحاضر أن رؤية الشيخ زايد، رحمه الله، لأمن الخليج في ظل هذه الظروف، قامت على عناصر عدَّة منها: رفض إقامة قواعد عسكرية أجنبية في المنطقة أياً كانت طبيعتها، وأن أمن الخليج مسؤولية أبنائه، وأنه يهم كل دول المنطقة، وأن استقرار الخليج وأمنه ينعكسان على أمن العالم واستقراره، وأخيراً أن أمن الخليج من أمن الدول العربية؛ إذ إن الخليج جزء لا يتجزأ من المنطقة العربية.
وتحدث المحاضر عن رؤية الشيخ زايد للعلاقات مع بعض دول الجوار، حيث رأى، رحمه الله، أن توقيع اتفاق الحدود بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، في 21 أغسطس 1974، “إنجاز عظيم؛ تحقق بفضل النيات المخلصة والعزم الصادق على تصفية أي خلاف بين الأشقاء”.
كما رأى، طيب الله ثراه، أن قضية الجزر الإماراتية الثلاث، التي تحتلها إيران، قضية عربية بالدرجة الأولى لا تخص دول الخليج العربية وحدها، وينبغي تسوية القضية بالتفاهم من دون اللجوء إلى أي شيء يضر مصالح البلدين، كما رأى أن الوحدة الخليجية حقيقة واقعة لا مجرد مجاملات شكلية، لكن التحقيق الفعلي لها يتطلب مناقشات هادئة ومتأنية بحيث يطمئن كل مواطن من مواطني دول الخليج إلى أن هذه الوحدة في مصلحته.
وعرض المحاضر لمواقف دولة الإمارات العربية المتحدة من بعض القضايا العربية خلال عهد الشيخ زايد، حيث دعا، رحمه الله، إلى إيقاف الحرب العراقية – الإيرانية، وحتى مع تعرُّض المنشآت النفطية الإماراتية في حقل “أبوالبخوش” البحري لقصف جوي في 25 نوفمبر 1986؛ فإنه تحلى بضبط النفس إزاء هذا العمل الاستفزازي؛ لكي يبقى بعيداً عن الصراع الدائر. وبعد غزو العراق لدولة الكويت حاول الشيخ زايد تطويق الخلاف العراقي–الكويتي، لكن مع تعنت العراق أيد، رحمه الله، قرار مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإدانة الغزو؛ وبعد رفض صدام حسين الانسحاب من الكويت شاركت القوات الإماراتية مع قوات التحالف في تحرير الكويت.
وسلط المحاضر الضوء على موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من احتلال العراق عام 2003، مشيراً إلى أن الشيخ زايد أعلن رفضه استهداف العراق وضربه، وفي محاولة لتجنب الحرب عليه؛ طرح، رحمه الله، مبادرة تركزت في أربع نقاط تمثلت في تخلي القيادة العراقية عن السلطة، ومغادرة العراق خلال أسبوعين من تاريخ قبول المبادرة، وتقديم ضمانات قانونية ملزمة محلياً ودولياً بعدم التعرض لها، أو ملاحقتها بأي صورة من الصور، وإصدار عفو عام وشامل عن كل العراقيين داخل العراق وخارجه، وتولي جامعة الدول العربية، بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، الإشراف على الوضع في العراق لفترة انتقالية.
وختم المحاضر محاضرته مؤكداً أن أمن الخليج العربي حظي باهتمام كبير من الشيخ زايد؛ وهو ما تجلى في تأكيده، رحمه الله، أن وحدة الخليج هي أغلى أمنية لشعوب المنطقة، وسعيه إلى تسوية الخلافات بين دول الخليج العربية، وتعزيز التعاون والتنسيق بينها في جميع المجالات، وإبعاد المنطقة عن أطماع الدول الكبرى وصراعاتها.