أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ألقى خطابا أمس في افتتاح مجلس الشورى القطري. الذي استمع إلى الخطاب أو قرأه سوف يعتقد أن قطر كانت دوما وما زالت هي المدافع الأول عن مجلس التعاون الخليجي ومن أشد الحريصين على أمن واستقرار دوله، وأنها تتصدر الصفوف في مواجهة الأخطار التي تهدد الأمة العربية بأسرها.
أمير قطر تحسر أشد ما تكون الحسرة على حال مجلس التعاون الخليجي كما يراه. قال إن المجلس فشل في تحقيق أهدافه وتلبية طموحات الشعوب الخليجية، وانه لم يعد قادرا على مواجهة التحديات والمخاطر، ودوره الإقليمي والدولي أصبح مهمشا. كل هذا حدث في رأيه بسبب استمرار أزمة قطر.
سؤال بسيط يجب توجيهه هنا إلى أمير قطر:
من الذي يتحمل المسؤولية الأساسية عن حال الجمود الذي وصل إليه مجلس التعاون؟.. أليست هي قطر بالذات؟.. وألم تكن قطر هي التي سعت، وبالمعنى الحرفي للكلمة، إلى تدمير مجلس التعاون؟.
الكل بات يعلم اليوم، وبالوقائع والتفاصيل والأدلة، كيف أن قطر تآمرت من أجل السعي لإسقاط نظام الحكم في السعودية وفي البحرين.
والكل بات يعلم اليوم، وبالتفصيل أيضا، كيف قامت قطر بدعم قوى وجماعات إرهابية طائفية هنا في البحرين ودول عربية كثيرة سعيا لإغراق الدول في الفوضى وتدمير مكتسباتها.
هل هذا الذي فعلته قطر كان من منطلق الحرص على مجلس التعاون؟.. إن لم يكن السعي إلى تدمير دول المجلس وإسقاط نظمها على هذا النحو تدميرا لمجلس التعاون والقضاء عليه نهائيا، فماذا يعني بالضبط؟.
وعندما تفجرت أزمة قطر بسبب هذه السياسات التخريبية بالذات، وطرحت الدول الأربع مطالبها، وفرضت المقاطعة، كانت هذه فرصة أتيحت أمام قطر للتراجع وإعادة النظر في سياساتها التدميرية لدول المجلس وللمجلس ككل.
لكن النظام في قطر بدلا من ذلك أصر على الاستمرار في نفس النهج والسياسات ورفض الاعتراف باقتراف أي خطأ على الإطلاق.
ليس هذا فحسب، بل لجأ النظام القطري إلى التحالف مع نظام معاد لكل الدول العربية ويسعى إلى تدمير أمن واستقرار كل دول الخليج العربية هو النظام الإيراني، واستدعى الوجود العسكري الإيراني والتركي.
إذن، ليس هناك أي وجه حق كي يزعم أمير قطر أي حرص على مجلس التعاون الخليجي، ولا أن يصدر أي فتاوى بهذا الخصوص، ولا أن يزعم أنه حريص على أمن واستقرار دول الخليج العربية ومواجهة الأخطار التي تهدد الأمة العربية.
هناك وجه آخر لحديث أمير قطر عن مجلس التعاون والتباكي عليه بهذا الشكل.
الحديث عن ضرورة إنقاذ مجلس التعاون الخليجي واستعادة دوره وقوته، أصبح هو الذريعة الوحيدة التي يتذرع بها النظام القطري من اجل تبرير ما يريده من إنهاء للمقاطعة المفروضة عليه.
المشكلة هنا انه يروج لهذه الذريعة ويرددها كمبرر لإنهاء المقاطعة، ولكن من دون أن يغير أي شيء من سياساته وتصرفاته التي دعت لفرض المقاطعة أصلا. أي انه يريد من دول المقاطعة أن تقر بأنها هي التي أخطأت وهي التي تسببت في شلل مجلس التعاون، وبالتالي فهي مطالبة بإنهاء الأزمة من دون ان تقدم قطر أي شيء على الإطلاق.
والذي يشجع النظام القطري على هذا أن الإدارة الأمريكية تتبنى جزئيا وجهة النظر هذه بترديدها باستمرار انه لا بد من تجاوز الأزمة وتوحيد مواقف دول الخليج العربية من أجل مواجهة الخطر الإيراني. وأمريكا أصرت لهذا على أن تكون قطر موجودة في «الناتو العربي» الذي تقترحه.
الكل يريد أن تنتهي الأزمة، وأن تعود قطر فعلا إلى الصف الخليجي العربي. والكل بلا شك يريد أن يرى مجلس التعاون وقد خرج من حالة الجمود، وأصبح قويا قادرا بالفعل.
لكن هذا كله يجب أن يتم على أسس سليمة تضمن معالجة الأسباب التي فجرت الأزمة أصلا. أما التذرع بمجلس التعاون لتجاوز الأزمة على نحو ما تريد قطر، فلن يكون من شأنه سوى مفاقمة عوامل تقويض الاستقرار في المنطقة.