الأحزاب السياسية هى الوعاء المثالى لممارسة العمل السياسي.. وهى الطريق الى الصعود الى السلم الوظيفى فى العمل السياسى فى أى دولة.. وقوة الدول تقاس بوجود تعددية حزبية حقيقية وأحزاب مستقلة ذات أفكار وايديولوجيات مختلفة.. والديمقراطية تقاس بتبارى هذه الاحزاب فى الانتخابات العامة بمختلف أشكالها وأيضا بالديمقراطية الداخلية للأحزاب نفسها فى طريقة اختيار قيادات الحزب.
فلو كانت القيادة الحزبية تنتخب بصورة ديمقراطية وحرة وبتفاعل بين قاعدة أعضاء الحزب فى مختلف انحاء البلد وله رؤية ورسالة ومنهج وبرنامج شامل لإدارة شئون البلاد فهو الحزب الحقيقى، فالأحزاب التى صنعتها الانظمة أو الأجهزة تزول فور سقوط السلطة التى صنعتها ولنا فى الحزب الوطنى وحزب الحرية والعدالة نموذج وغيرهما من الاحزاب فى المنطقة العربية حتى الاحزاب التى كانت تطلق على نفسها قومية زالت ولم يعد لها وجود.
فالأحزاب الحقيقية تعيش قرونا من الزمان أما الاحزاب المصنوعة فتموت بموت من صنعها أو بقرار منه والاحزاب الحقيقية تعيش رغم المؤامرات التى تحاك ضدها وتمر بمراحل قوة وضعف ولكن لا تموت وتعود أقوى مما كانت عليه.
أقول هذا بمناسبة الانتخابات الذى سيشهدها حزب الوفد يوم الجمعة القادم، فالوفديون مدعوون لانتخاب هيئة عليا للحزب العريق الذى سيتم 100 عام على تأسيسيه بإرادة شعبية حرة وتأسس رغم انف الاحتلال والنظام الحاكم وقتها، لأن الشعب المصرى أراد الوفد فكان الحزب الذى حاول ضباط يوليو القضاء عليه فظهر فى انتخابات النقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين وأراد السادات الاستيلاء عليه ففشل وأراد مبارك وحزبه المصنوع القضاء عليه ففشل وكان مصير حزبه انه ذهب فى ذمة التاريخ.
انتخابات الجمعة فى حزب الوفد ستكون مفصلية، لأن الهيئة الوفدية تحمل رسالة وتاريخ 100 عام وعليهم اختيار اشخاص يعيدون للحزب قوته ودوره السياسى ودوره فى الدفاع عن حقوق الشعب المصرى ومثلا للقوى الليبرالية ليس فى مصر بل فى المنطقة العربية.. فهم يحملون أمانه كبرى وعليهم ان يكون الاختيار للأفضل والأقدر والأجدر.
وعلى الهيئة الوفدية ان تعلن يوم الجمعة لكل مصر أن حزب الوفد حزب ديمقراطى حقيقى وان تستكمل المشهد الديمقراطى الذى انتهت اليه انتخابات رئاسة الحزب منذ شهور عليهم ان يقولوا للعالم إن الوفد هو رمز للديمقراطية الحزبية فى مصر.
وعلى من سيتم انتخابهم دور أهم فعندما تؤدى الهيئة الوفدية مأموريتها عليهم الدور فى استعادة ريادة الوفد كأقدم حزب سياسى فى الشرق الاوسط وعليهم العودة الى ثوابت الوفد التاريخية والدفاع عن الديمقراطية والحرية والتصدى للفساد والوقوف الى جانب الطبقات الفقيرة والعمال.
على الهيئة العليا القادمة ان تنفض عنها كعادة الوفديين اثار الانتخابات والتفرغ لما هو قادم من استحقاقات انتخابية من محليات وبرلمان والاحتفال بالمئوية حتى يرى العالم ان الوفد مازال الحزب الحقيقى الوحيد فى مصر وعلى الهيئة العليا الجديدة التصدى لمحاولة صناعة حزب وطنى جديد يضم اصحاب المصالح وبقايا الحزب المنحل.
الجمعة القادم سيكون يوما تاريخيا فى حياة مصر وليس فى حياة حزب الوفد وسيكون الوفد على موعد جديد مع التاريخ وعلى الوفديين ان يضربوا المثل فى كيفية حماية القاعدة لحزبهم حتى يكون نموذجا مشرفا لمصر كلها.