قضيت سنوات طويلة فى مهنة البحث عن المتاعب.. بدأتها كصحفى تحت التمرين منذ أكثر من عشرين عامًا فى الحبيبة إلى قلبى (جريدة الوفد).
عملت داخلها فى أقسام عديدة، وهى بالترتيب: الفن، والتحقيقات، والديسك المركزى، ومكتب الوفد بالمطار والحوادث، والأخبار.
وفى قسم الأخبار عملت محررًا ومندوبًا للجريدة فى أماكن مختلفة، منها: وزارات الزراعة والحكم المحلى والتعاون الدولى والاقتصاد والإسكان والإعلام وآخرها الداخلية.. بالإضافة إلى جمعية رجال الأعمال والغرف التجارية.
بالإضافة لكتابة عدد كبير من (مانشيتات الوفد) وكل هذا ثابت بالأرشيف.
وأثناء عملى محررًا للشئون الأمنية ومندوبًا للجريدة بوزارة الداخلية، اختلفت مع الدكتور نعمان جمعة (رحمه الله) ووصلت إلى مرحلة استحالة العمل فى الجريدة، وتدخل بعض العقلاء، ووافق الدكتور نعمان على منحى إجازة بدون مرتب بناء على رغبتى.
أنشأت بعدها شركة مساهمة مصرية.. صدر عنها (جريدة الحادثة) وكانت تصدر أسبوعيًا بانتظام لمدة أكثر من عامين.. وتصادف أنى انتقدت الدكتور نعمان فى مقالى الأسبوعى بالحادثة.
وقتها غضب (رحمه الله) غضبًا شديدًا وقرر فصلى من جريدة الوفد وفصلنى بالفعل.
أكملت عملى رئيسًا لتحرير «الحادثة»، والحمد لله حققت الجريدة -بكل ما لها وعليها- نجاحًا أكبر مما كنت أتوقعه.. وكانت توزع أكثر من سبعين ألف نسخة أسبوعيًا – بشيكات الأهرام.
بعدها أسست حزب المحافظين وأصبحت رئيسًا له بالانتخاب لمدة خمس سنوات ونصف.
ثم جمدت الحزب «طواعية» قبل الثورة بأربعة أشهر، ودعوت لمؤتمر صحفى أكدت فيه أن هذا التجميد جاء نتيجة حرب شرسة استمرت فترة طويلة مع صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، رئيس لجنة شئون الأحزاب وقتها، وهذا منشور على نصف صفحة فى جريدة المصرى اليوم.
وأثناء حكم المجلس العسكرى قدمت برنامجًا فى قناة المحور.. ولكنه لأسباب لا داعى لذكرها «لم يستمر طويلاً».
بعدها.. وحتى وقت قريب فضلت أن أعيش (استراحة محارب) كما يقولون فى مثل هذه الظروف.. ولزمت بيتى وابتعدت عن كل ما فيه صحافة وإعلام وسياسة.
حقًا كانت رحلة صعبة تحملت فيها ما لا يتحمله بشر.. ناهيك عن الغمز واللمز والأقاويل الكثيرة التى لا تستند إلى دليل واحد، والشائعات التى لا تتفق مع أى عقل أو منطق.. وحكايات فاقت حكايات ألف ليلة وليلة وظلم وحقد وغل وأمنيات بالسقوط.
لكنى كنت دائمًا أحدث نفسى وأقول إنها ضريبة النجاح والتميز، هذا إن كنت نجحت أو تميزت فيه بالفعل.
نعم كانت رحلة صعبة مليئة بالآلام والآمال.. بالانتصار والانكسار.. بالفرحة والحزن.. بالنجاحات والإخفاقات.. بالألغاز.. بالأسرار.
تلك الأسرار التى خرج منى بعضها.. وأحتفظ ببعضها.. وما تبقى أعتقد أنه سيدفن معى فى قبرى.. لاستحالة التحدث مع نفسى فيها.
قد يقول قائل.. لماذا خرج علينا برحلته.. وهى تخصه وحده فأرد عليه.. لأننى قررت النزول إلى الملعب مرة أخرى، واستكمال الرحلة قناعة منى بأن مصر تستحق الآن وأكثر من أى وقت مضى لكل محب مخلص لأرضها وترابها ولكل صاحب رؤية تفيد وتُعلم الناس بالحقائق.
وأيضاً.. لمن لا يعرفنى.. عله يعرفنى من خلال هذا المقال المختصر.
ولمن يعرفوننى جيداً.. أقول ألقوا شماعات الفشل التى طالما وجعت أيديكم خلف ظهوركم.. أحبوا الخير للناس كما تحبونه لأنفسكم.. اجعلوا لحياتكم معنى.. واجعلوا لوجودكم هدفًا أحبوا (مصر) فهى أرض وبيت أولادكم وأحفادكم.. سلموا أمركم لله.. فالله بيده كل الأمور.. ولكن اعملوا (فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
وفى نهاية مقالى.. فليعلم الجميع فى الداخل والخارج وبلا استثناء (مصر عصية يا ولاد الـ…..).