نون والقلم

طوني فرنسيس يكتب: لقاء «تعارف» في إسطنبول

لم يتضح ما ستؤول إليه قمة إسطنبول الرباعية التي ضمت رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا والمستشارة الألمانية. فالبيان الختامي تضمن أفكاراً عامة والمؤتمر الصحافي المشترك لم يظهر تناغماً كبيراً بين المشاركين الذين خصصوا لقاءهم للبحث في الأوضاع السورية.

جلس القادة الأربعة جنباً إلى جنب وكل واحد منهم يضع إلى جانبه غائباً كبيراً. كان الرئيس الروسي محكوماً بتمثيله إيران إلى جانب الأسد في القمة. وهو لم يتحمل سؤالاً صحافياً ورد فيه تعبير « نظام الأسد» فألح على تصحيح التسمية والقول بالحكومة السورية «الشرعية» . إلى جانبه كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحمل توصيات وأفكار شريكه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي حادثه قبل قدومه إلى تركيا، ثم وضعه لاحقاً في صورة النتائج. أنغلا مركل المستشارة الألمانية نسقت مواقفها مع ماكرون، أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فكان انجز اتفاق إدلب مع بوتين في 17 أيلول (سبتمبر) الماضي، وأجرى مشاورات مع شركائه الغربيين في عملية تحضير طويلة للقمة الملفتة في توقيتها ونوعية أطرافها.

جاء الجميع إلى إسطنبول كل بهواجسه. ماكرون ومركل حملا خوفهما من موجات نزوح سورية جديدة في حال اندلعت معركة في إدلب، ومن هنا الحاح الطرفين على استمرار وقف النار حول المدينة وعلى تسوية سياسية على قاعدة القرارات الدولية تتيح عودة ملايين السوريين إلى وطنهم. أردوغان تقاطع مع فرنسا وألمانيا في التمسك باتفاق إدلب، فهو لا يريد وضعية يجد نفسه فيها خاسراً ما كسبه في الشمال السوري، ما يجعله في موقف ضعيف إزاء من يعتبرهم خصوم أمنه القومي في القوات الكردية السورية ذات الإمتداد داخل تركيا، أما بوتين فقد أراد غطاء شرعياً دولياً لتدخله في سورية، وهو ما حصل عليه واقعياً منذ زمن طويل، أما ما يؤرقه الآن فهو كيفية إعادة الإعمار من دون المساس بسلطة الأسد، أي أنه يريد عملياً استكمال غطاء تدخله بتمويل دولي لمشروع إعادة الإعمار، واستطراداً إعادة اللاجئين من دون الالتزام بأي من القرارات التي تتحدث عن انتقال سياسي يتيح للشعب السوري اختيار ممثليه بحرية تامة.

في الحصيلة، لم يتمكن القادة من رسم طريق متكامل للحل. والإنجاز الذي يرضي ثلاثة منهم كان التأكيد على التزام وقف النار في إدلب، الأمر الذي تحفظ عليه بوتين بإشارته إلى ضرورة الرد على استفزازات الإرهابيين. النقطة المشتركة الثانية كانت إبداء العزم على مواصلة قتال «داعش» و «القاعدة» حتى القضاء عليهما، وهذا عنوان يبدو أنه الاسهل في جمع مختلف الأطراف التي تتدخل في سورية، أما النقطة الثالثة المتعلقة بالسعي لاستكمال لجنة لصياغة الدستور وعقد اجتماع لها في وقت قريبْ، فقد تركت لاتصالات بوتين اللاحقة مع الأسد باعتبار أن النظام السوري رفض أي لجنة خارج سيطرته وتوجيهاته.

كان لقاء تعارفياً إضافياً ذلك الذي جرى في إسطنبول، يمكن اعتباره تمهيداً للقاءات أهم ستشهدها فرنسا في 11 تشرين الثاني ( نوفمبر)، بمناسبة مرور مئة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، وحتى ذلك الوقت ربما تنضج الذكريات التركية والروسية أفكاراً جديدة يتفق عليها مع الحلفاء الغربيين.

نقلا عن صحيفة الحياة اللبنانية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى