الدوحة تظنّ، أنها كسبت في معركتها الإعلامية الوهمية، حول حادثة خاشقجي، عدداً لا بأس به من المشاهدات لتقارير قناة الجزيرة المزيفة، وكذلك كسبت جيشاً افتراضياً إلكترونياً، يحاول تشويه صورة السعودية، وولي عهدها، ولكن، على أرض الواقع، هل تصمد مكاسب قطر الوهمية في المعارك الحقيقية؟ يقول الروائي جلال الخوالدة: «ما تكسبه في المعارك الوهمية.. تخسره في المعارك الحقيقية».
الحقيقة أن الوهم الذي يصنعه الإعلام القطري، الذي تكسّر في أول معركة حقيقية بين الدوحة ودول المقاطعة، وتحول إلى الداخل القطري فقط، لبناء هرم في قلب المواطن هناك، قد تكوّم بفعل جوقة الدوحة، لدرجة بات فيها المواطن القطري متشككاً من قدرة دولته الصغيرة جداً، على مقارعة دول كبرى وعظمى، بالطبع هذا لا يشمل الجميع، فهناك عقلاء يعلمون حجم جزيرتهم الصغيرة، ويفهمون إمكاناتها الضعيفة الهشة، ولا يباغتهم أدنى شك، أنها مجرد ورقة صفراء، في مهب الريح.
على مدار عشرين عاماً، حاول الحمدين، بوسائل لا حصر لها، تكبير قطر، ولو قليلاً، وكانت النتيجة طبعاً، حين تقول النتائج كل شيء، أن قطر الصغيرة، قد أصبحت صغيرة جداً، لدرجة لا ترى، في خارطة العالم، بالعين المجردة، وعلى مدار عشرين يوماً، وعلى وقع حادث خاشقجي، حاولت جوقة الدوحة، تصوير تصدع مؤسسة الحكم في السعودية، ولكن الخطاب التركي الذي أكد البيان السعودي حول الحادثة، وكذلك جلسة واحدة في مبادرة مستقبل الاستثمار، في السعودية، جعل الجوقة، تلملم أدواتها على عجل، وتهرول نحو جحورها.
راهنت جوقة الدوحة، بصورة منقطعة النظير، أن حصان خاشقجي الخشبي، والمكتظ بالفرسان الوهميين من منظرين وجيش وهمي على الإنترنت وذباب إلكتروني، الذي حاولت إدخاله إلى سور السعودية العظيم المحصن، يمكنه بكل بساطة أن يخترق الحراس الحقيقيين، شعب السعودية الجبار المتماسك المخلص، وأن يسمح لهم أن يعيثوا فساداً وخراباً، ولكن، وهذه حقيقة يجب أن يعلمها الجميع، تهاوت كل المراهنات، وخسرت الدوحة معركة حقيقية أخرى، تصدى لها جنود حقيقيون، سعوديون وإماراتيون وعرب، وكشفوا أوراق الدوحة المزيفة، بل مزقوها شر ممزق.
بالتأكيد، فإن جوقة الدوحة، التي لا تضم سوى بعض الجهلاء من القطريين، ويرأسها عزمي بشارة، ومعه لفيف من المرتزقة الذين يدافعون عن مصالحهم فقط، وعن لقمة عيشهم، ويجلسون أمام الكاميرات كالببغاوات أو يعدون التقارير المضحكة، وحسب ما وردني، من مصدر موثوق، قد أصابها ارتباك شديد، وتلقت توبيخاً كبيراً على خسارتهم المخزية لهذه المعركة التي دفعت فيها قطر أموالاً تصل إلى المليارات، وعلمتُ أنها تلقت أيضاً تهديداً بالإقالة إذا لم تنجح في معركة الاستنزاف، ما بعد كشف ملابسات حادثة خاشقجي، بحشد وتجييش ما تبقى من الآراء التي يمكنها الطعن في الرواية السعودية أو كيل التهم وإصدار الأحكام بشأن من أصدر الأوامر في الحادثة المشؤومة.
ما لا يفهمه عزمي بشارة، وما لن تفهمه جوقة الدوحة أبداً، ولا تنظيم الحمدين، أن المعارك الوهمية التي يخوضونها بلا طائل، تشبه جلب الصيادين وإجبارهم على الاصطياد في «البحر الميت»، الذي لا تعيش به الأسماك، وإن إشارة سمو ولي عهد السعودية، حول قطر بعد خمس سنوات، ليست غزلاً في الحمدين، بل رسالة إلى الشعب القطري، أن ينفض عنه حماقات جوقة الدوحة خلال السنوات الخمس القادمة، وأن يزيل العصابة التي تلفها الجوقة بإحكام حول عينيه، ويزيح عن كاهله نظامه الخاسر، وأن يتحرك بإخلاص نحو بيته الخليجي الدافئ.
الخوف الذي يتملك جوقة الدوحة اليوم، تفضحه عيونهم المترقبة المرتبكة بعد سقوط كل جنودهم الوهميين.