خلّفت الحربان العالميتان الأولى والثانية، ملايين الضحايا من خلال المعارك الطاحنة بين الجيوش، وبعد سنوات عدة دخل العالم في حروب جديدة هي الحروب الإعلامية التي راح بسببها أيضاً الملايين من البشر، وبالأخص في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من ذلك، فإن المنابر التي شاركت في الحروب الإعلامية لا تزال توغل في غيِّها، وتعمل على محاربة الدول والمؤسسات والأفراد.
في المشهد الأخير من قضية الكاتب والصحفي جمال خاشقجي، رحمه الله، لعب الإعلام المعادي للمملكة العربية السعودية دوراً تحريضياً على بلاد الحرمين الشريفين ورموزها، دون الأخلاقيات الإعلامية أو الشفافية، فاختلق الأحداث دون الأخذ بالأدلة والحقائق، أو حتى دون تحليل منطقي للحادثة المؤسفة، ولعب الإعلام القطري دوراً كبيراً في نقل الأكاذيب إلى الجمهور العربي من خلال منصاته في التواصل الاجتماعي، لكي يتداوله الذباب الإلكتروني الذي استخدمه دون يقين أو دليل، فقط لأجل تشويه صورة المملكة العربية السعودية ورموزها. وللأسف فإن مرتزقة الحروب الإعلامية كثر؛ لأن الجيش الإعلامي الإلكتروني الكبير من مختلف بقاع الأرض، مدعوم بالمال والأجهزة الإلكترونية، وهذا الدعم من دون شك يأتي من دولة قطر.
الجمهور العربي اليوم مُدرك أن دولة قطر هي من تدعم الذباب الإلكتروني، والهدف من ذلك تشويه صورة الدول المقاطعة لقطر، ولم يأت هذا الإدراك من وحي الخيال؛ بل جاء من الأسلوب المحرض المباشر الذي يتخذه هذا الذباب لقلب الحقائق، واليوم كثير من الجمهور العربي ينظر بريبة إلى بعض الإعلاميين الذين خرجوا ببرامج في اليوتيوب، تحاول تزييف وعي المتابعين في العالم العربي، وتلبس لباس نشر الحرية والحق، وتنشر الحقد والكراهية على الدول المقاطعة لقطر، وبالأخص على المملكة العربية السعودية، واليوم نشاهد في كثير من التعليقات، النتائج الإيجابية التي تشير إلى وعي الجمهور العربي وكشفه لهذه البرامج، ومطالبتها بأن تتحدث عن دولة قطر لو كانت مهنية، إلا أن أصحاب هذه البرامج لا يستطيعون أن يتحدثوا ولو لثوانٍ من الحلقة، عن دولة قطر، وهذا يعرّيهم أمام الجمهور العربي الذي ينتظر اليوم فقط، هذه اللحظات، وبذلك تخسر هذه البرامج متابعيها العرب الأحرار الذين لن يستمروا في متابعتها؛ لمعرفتهم بأن مهمتها فقط هي التحريض على الدول المقاطعة لقطر، وهذه هي الحقيقة التي يجب على دولة قطر معرفتها، بأن المواطن العربي يُدرك تماماً أن المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين، لم تقاطع قطر إلا لأنها دولة تدخلت في شوؤنها، وموّلت الإرهاب، وحاولت زعزعة أمن واستقرار المنطقة، إلى غير ذلك من الأسباب التي لا يكفي المقال لذكرها.
الحروب الإعلامية غير الأخلاقية التي تمولها قطر في منطقة الشرق الأوسط، حروب فاشلة، والمليارات من الدولارات التي تدفعها لها، الأولى بها أن تدفعها لمواطنيها أو تشارك بها في مبادرات للشباب العربي، الذي يحتاج هذا الدعم لبناء مستقبله وتحقيق أحلامه، لا لتخزين الكره والحقد بداخله على الآخرين، وزرع التطرف والكراهية في نفسه لأهداف وأجندات دولة قطر وإعلامها المتمثل في قناة الجزيرة التي لها الدور الأكبر في حصد أرواح الملايين من العرب، في هذه التوترات والنزاعات التي ضربت منطقة الشرق الأوسط.
في هذه الحروب الإعلامية للأسف، نرى النتائج سلبية جداً، وعلينا جميعاً إدراك مخاطرها، وأن تتكاتف الأيدي لتثقيف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وتعزيز إدراكهم بحقيقة أن كل الدول المقاطعة لقطر، معرضة لتحريض مواطنيها ضدها من قبل الذباب الإلكتروني، والحمد لله، فإن مجتمع دولة الإمارات مثقف ويتمتع بوعي عالٍ، والشباب الإماراتي يدرك تماماً مخاطر الذباب الإلكتروني، واليوم نرى منصات سواء مبادرات وطنية، أو حسابات إماراتية، تشارك الحكومة مهمة تثقيف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بمخاطر الحروب الإعلامية، فالوعي الرشيد أكبر سلاح لمواجهة مخططات أصحاب الحروب الإعلامية.