نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: عبد الرحمن سوار الذهب

عبد الرحمن سوار الذهب.. هذا القائد العسكري السوداني الذي ضرب مثالا للرجل الذي يعشق شعبه.. فانحاز للشعب ضد الديكتاتورية ورضي بحكم الديمقراطية وسلم السلطة طواعية لمن انتخبه الشعب.

توفي منذ يومين هذا الرجل الذي كان مثالا للانتصار للحرية والديمقراطية واحتراما لإرادة شعبه، ففي ابريل عام 1985 شهد السودان انتفاضة واسعة ضد الرئيس جعفر النميري الذي كان رمزا وقتها مع عدد من الرؤساء الأفارقة للديكتاتورية مع عيدي أمين وبوكاسا وغيرهم من الذين تحولوا من محررين الي رموز للديكتاتورية الفجة.

هذا الرجل امتثل لإرادة الشعب مرتين المرة الأولي عندما تم خلع جعفر النميري وارتضي بما فرضته الاحزاب والقوي السياسية وحتي قادة الجيش أن يقود السودان لمرحلة انتقالية لمدة عام بعد تردد تقلد رئاسة المجلس الانتقالي وتسلم مقاليد السلطة إلى أن تم انتخاب حكومة منتخبة.

وسلم سوار الذهب مقاليد السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس وزرائها الصادق المهدي ورئيس مجلس سيادتها أحمد الميرغني وبعدها اعتزل العمل السياسي ليتفرغ لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء.

فالرجل ضرب نموذجا حيا للقائد العسكري الذي انتصر للديمقراطية والحرية وكان وقتها محل اجماع شعبي فلو اراد البقاء في الحكم لبقي دون ان يعارضه احد ورفض ان يتحول مع مرور الأيام الي ديكتاتور آخر يأمر فيطاع ويكون له زبانيته الذين يحللون له كل إجراء لقمع الحريات والتفرغ لتأديب الشعب الذي ثار علي جعفر نميري والنخبة التي كانت مستفيدة من حكمه لكنه أصر علي الديمقراطية والحرية كخيار أساسي لأبناء الشعب السودانى.

وأصر الرجل علي اتمام المرحلة الانتقالية فصاغ دستورا ديمقراطيا للسودان وجرت انتخابات حرة نزيهة وعادلة وهي تكاد تكون الانتخابات الوحيدة التي تميزت بالصفات الثلاث في تاريخ السودان منذ انفصاله عن مصر.

كما قام بتسليم السلطة لمن انتخبهم الشعب صادق المهدي زعيم حزب الأمة والميرغني زعيم الحزب الاتحادي وهما حزبان تقليديان في السودان ولهما امتدادات دينية صوفية، وفوزهما في الانتخابات أكد أن محاولات النميري القضاء عليهم فشلت وتراجعت الأحزاب المدنية في هذه الانتخابات.

وغادر الرجل الحياة العسكرية واعتزل العمل السياسي وسجل اسمه كرئيس خامس للسودان وأحد رواد الانتصار للديمقراطية والحرية في العالم ووقتها خشيت الانظمة العربية أن يتكرر نموذج سوار الذهب عندهم فكانت الجهود تبذل لإفساد التجربة الديمقراطية في السودان وساعدهم في ذلك الصادق المهدي الذي دخل في خصومات مع أغلب الأحزاب السياسية ومع مصر وأعطي نموذجا سيئا للحاكم المدني في تصريف امور البلاد فكان انقلاب 1989 الذي اطاح سريعاً بالتجربة الديمقراطية في السودان.

وتفرغ الرجل الي الدعوة الإسلامية وإلي العمل الإغاثي وعاش بقية عمره في السعودية يحاول ان يقدم خدماته  للعمل الإسلامي، فقد فقدنا رجلا رفض حلاوة الحكم من اجل ارادة شعبه ومن أجل أن يكون نموذجاً عالميًا في تفاني القادة العسكريين في خدمة شعوبهم وبلدانهم.

رحم الله المشير سوار الذهب الذي توفي بعد أن أوفي بكل تعهد قدمه لشعبه فأوفي بكامل تعهداته وحافظ علي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وكان السودان في عهده قبلة لكل دعاة الحرية وحقوق الإنسان.

تعهد بتنشيط الدعوة الإسلامية وأوفي.. رحم الله الرجل الذى كان يعمل في صمت وبعيداً عن الأضواء.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى