اخترنا لكنون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: الوفد..ليس ككل الأحزاب

مع نشأة الوفد منذ قرن من الزمان عام 1918.. تغير وجه الحياة السياسية فى مصر، وفى غيرها من دول المنطقة، وامتدت آثار ظهور ما سمى بالوفد المصرى إلى دول كثيرة، منها على سبيل المثال الهند عندما انتهج غاندى خطى سعد زغلول وترأس حزب المؤتمر الوطنى فى الهند عام 1921 وأعلن العصيان المدنى فى كل أرجاء الهند ضد الاحتلال الإنجليزى.

أخبار ذات صلة

وإذا كانت بداية نشأة الأحزاب السياسية ترجع إلى منتصف القرن التاسع عشر لأسباب ودواعٍ مختلفة، إلا أن أدوارها الفاعلة ترسخت منذ نحو قرن من الزمان، وباتت فى الدول النامية أهم الأدوات فى مواجهة قوى الاستعمار من جانب، وقيادة جهود التنمية الشاملة من جانب آخر من خلال كوادرها الوطنية فى شتى المجالات وانصب كل اهتمامها على الشأن العام.

من هنا أصبحت الأحزاب مرآة صادقة لمدى ما يتمتع به أى مجتمع من تطور على طريق التنمية السياسية والتنمية الشاملة بشكل عام، ذلك أن نشأة الأحزاب ما كانت إلا للتعبير عن الحاجة الملحة إلى استحداث أنماط جديدة تستوعب حركة المجتمعات باتجاه صناعة مستقبل أفضل.

ونظرة موضوعية نشير بها إلى الدور الفاعل للوفد فى إرساء وتدعيم قواعد العملية الديمقراطية منذ بدايات القرن الماضى.. جنبًا إلى جنب مع كفاحه المشروع لتحرير مصر من براثن الاستعمار والاحتلال الإنجليزى والتى تجسدت فى ثورة المصريين الكبرى عام 1919، حتى حصلت مصر على استقلالها فى فبراير 1922، وكانت أولى ثمار هذا الاستقلال هو دستور 1923 الذى يعد وبحق من أفضل الدساتير التى عرفتها مصر طوال تاريخها، ثم كانت حكومة الشعب برئاسة الزعيم سعد زغلول، كنتاج طبيعى لثورة 19 وترسيخًا لمبدأ سيادة الأمة.

تلك كانت بدايات الوفد كتيار شعبى وُلد من رحم الأمة، فسار تيار الحركة الوطنية المصرية الأهم فى تاريخها المعاصر، وليس حزبًا ككل الأحزاب بالمعنى السياسى والتنظيمى المجرد.. واليوم ومع استشراف مئوية الوفد ينفض بيت الأمة غبار سنوات الجمود والسكون، ويعيد ترتيب أوراقه من الداخل استعدادًا لدوره الحقيقى الذى ينهض به فيما تحتاجه الدولة المصرية من تنشئة سياسية وبناء سياسى حقيقى يؤدى إلى التحول الديمقراطى.. ولعله من حسن الطالع أن تأتى مئوية الوفد مع اختيار المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيسًا للوفد، وهو أحد شيوخ الوفد الأجلاء ومن الرعيل الأول مع فؤاد باشا سراج الدين الذين أعادوا الوفد للحياة السياسية، كما أنه بعد أن ترك منصة القضاء وانتقل للمحاماة سار قانونيًا ضليعًا يشهد له الجميع إلى حد أنه فاز برئاسة اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب بالتزكية اعترافًا بفقهه القانونى.

من هنا بات علينا أن ندرك أن هناك مسئولية ومهمة وطنية ملقاة على عاتقنا فى قيادة جهود التنشئة والتنمية السياسية، والبناء السياسى بشكل عام كأحد محاور التنمية الشاملمة وصولًا للدولة المدنية الحديثة.

وللحديث بقية الأسبوع القادم إن شاء الله.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى