نون والقلم

طارق تهامي يكتب: حكايات الثورة والوفد ومصر!

> الشهر القادم، سيكمل حزب الوفد مائة عام بالتمام والكمال! نعم..عندك فى بلدك يوجد حزب عريق وضارب فى الجذور، سيدخل نادى المائة، لأحزاب النضال الديمقراطى، ومن حقك أن تفخر بوجود هذا الحزب، ومن حقك أن تردد عبارة نحن دولة عريقة وكبيرة، ويوجد عندنا مؤسسات سياسية، وأندية رياضية، تجاوز عمرها المائة عام، ومن حقك، الآن، أن تقول «عندنا حزب عمره 100 سنة واسمه حزب الوفد»!

> نعم …بعد عدة أسابيع، ستحل علينا ذكرى تأسيس حزب الوفد، الحزب الذى نشأ كنتيجة طبيعية لاندلاع الثورة الأعظم فى تاريخ مصر، ثورة 1919 التى خاضها الشعب المصرى فى مواجهة أقوى جيش فى العالم، وقتها، متسلحاً بإيمانه، ورغبته فى الحرية، متمسكاً بحقه فى إدارة شئونه، مقدماً زعيمه سعد زغلول، كمتحدث رسمى باسم المصريين، لتبدأ رحلة حزب الوفد المصرى، التى لن تنتهى، من أجل وطن حر، ديمقراطى، وعادل!

> كان سعد زغلول دليلاً للثوار وأباً روحياً لهم أو كما قال عنه غاندى الزعيم الهندى العظيم: «سعد زغلول معلمى».. فقد كان «سعد» قائداً لحركة شعبية طاغية فى مطلع عصر التنوير الذى فجرته الثورة وكان زعيماً متسامحاً مع الآخر.. وراعياً رسمياً لمبدأ الوحدة الوطنية، فكان دائماً هو «نازع فتيل الفتنة».. أبداً.. لم يكن سعد مجرد رجل اختاره الناس زعيماً.. ولكنه صانع ثورة منظمة تطلب الاستقلال.. تعالوا نقرأ ما كتبه المؤرخون عن ثورة 19 التى كانت تديرها أربع طبقات من القيادات القوية التى وضعت أمامها هدفاً واحداً اسمه الثورة.. وحققته.. مصطفى أمين قال فى كتابه عن الثورة الأم إن سعد زغلول ترك ورقة كتب فيها: «اذا اعتقلت الطبقة الأولى من قيادات الثورة تقوم الطبقة الثانية فإذا اعتقلت تقوم الثالثة، وإذا اعتقلت تقوم الرابعة «وهذا يعنى أن سعد زغلول كان يخشى من القضاء على الثورة باعتقال قياداتها أو بنشر الفوضى التى قد لا تجد من يتحكم فيها فوضع أربع طبقات من القيادات.. وكان دور هذه الطبقات واضحاً عندما ثار الشعب للمرة الثانية عام 1921.. فقد تم اعتقال أعضاء الطبقة الأولى والتى كانت تضم سعد زغلول ومصطفى النحاس وسينوت حنا وفتح الله بركات وعاطف بركات ومكرم عبيد «لاحظ أنهم أربعة مسلمين واثنان من الأقباط» فقد تم اعتقال هذه الطبقة، فاندلعت الثورة فى جميع أنحاء البلاد.. فظهرت الطبقة الثانية وكانت تضم: مرقص حنا وحمد الباسل ومراد الشريعى وعلوى الجزار وانضم لهم ببرقية من جنيف على الشمسى وأصدرت بياناً دعت فيه إلى مقاطعة الإنجليز.. فتم القبض على أعضاء هذه الطبقة وصدر فى حقهم حكم بالإعدام.. فظهرت الطبقة الثالثة والتى ضمت: المصرى السعدى ومصطفى القاياتى وسلامة ميخائيل ومحمد نجيب الغرابلى وراغب اسكندر وفخرى عبدالنور ومحمود حلمى إسماعيل فتم تحويلها لمحاكمة عسكرية بتهمة التآمر على نظام الحكم.. فتظهر الطبقة الرابعة وتتكون من: حسن حسيب وحسين هلال وعطا عفيفى وعبدالحليم البيلى ومصطفى بكير وإبراهيم راتب.

> إذن كانت ثورة تنظر للأمام.. تريد الحفاظ على نفسها.. وقد فعلتها.. فصنعت مرحلة ليبرالية أفرزت أبرز رواد الفكر والأدب والفن والاقتصاد والسياسة.. مرحلة شهدت نبوغ الفنان المثّال مختار وأم كلثوم وعبدالوهاب ونجيب الريحانى.. وعرفت طه حسين والعقاد.. وشهدت اقتصاداً وطنياً من رموزه طلعت حرب وعبود باشا.. فكان الوطن قائماً وقادراً رغم الاحتلال وتمكن من التقدم للأمام علمياً بجامعة أهلية شارك فى فكرة تأسيسها سعد زغلول مع الإمام محمد عبده.. فقد كان سعد زغلول يعرف أن العلم هو الشعلة التى تنير الطريق للوطن وأن أبناءه المتعلمين هم ثروته الحقيقية!!

> وللحديث بقية.

‏tarektohamy@alwafd.org

أخبار ذات صلة

Back to top button