نون والقلم

السيد زهره يكتب: 18 مليار دولار .. هل ذهبت هباء؟!

التقرير الذي أصدرته الخارجية الأمريكية قبل أيام عن الأنشطة الإرهابية التخريبية للنظام الإيراني يذكر ان إيران أنفقت مبلغ 18 مليار دولار خلال الأعوام الثمانية الماضية لدعم الإرهاب وعمليات التخريب في العراق وسوريا واليمن.

أخبار ذات صلة

أخذا في الاعتبار أن التقرير لم يذكر في هذا السياق ما انفقه النظام الإيراني على حزب الله في لبنان، وعلى جماعات وقوى إرهابية أخرى في المنطقة في غير الدول التي أشار اليها، فإن مبلغ ما انفقته إيران يفوق مبلغ الـ18 مليار دولار بكثير.

السؤال هو: لماذا تنفق إيران كل هذه الأموال الطائلة لدعم القوى والجماعات الإرهابية في الدول العربية ولتنفيذ أجندات تخريبية؟.. ما الذي تستفيده بالضبط وخاصة ان أوضاعها الاقتصاية متدهورة؟

قد يبدو السؤال ساذجا، لكن الاجابة عنه تكشف الكثير عن استراتيجية إيران ومخططاتها في المنطقة العربية.

الأمر هنا باختصار ان هذا الدور الإرهابي التخريبي الإيراني وهذا الدعم للقوى والمليشيات والجماعات الطائفية الإرهابية، يقع في صلب الاستراتيجية الإيرانية، ويندرج تحديدا في اطار السعي إلى تحقيق ثلاثة أهداف كبرى:

1 – إبعاد الخطر عن الداخل الإيراني، ونقل الصراعات إلى الدول المجاورة خارج إيران. وكان الاعتقاد في تفكير الإيرانيين ان من شأن هذا ليس فقط تخفيف أي ضغوط على إيران، ولكن أيضا صرف انظار الإيرانيين انفسهم عن الصراعات والأزمات والمشاكل الداخلية.

2 – اضعاف الدول العربية، وإغراقها في الفوضى والصراعات الطائفية، والحاق اكبر قدر ممكن من الدمار بها.

وتستند الاستراتيجية الإيرانية هنا إلى ان ضعف الدول العربية المجاورة هو في نفس الوقت قوة لإيران. كما تستند بالطبع إلى ان هذا الضعف والدمار هو ضرورة أساسية للسيطرة الإيرانية في المنطقة ولقدرة إيران على تحقيق مخططاتها وأهدافها.

3 – تأسيس قواعد ومرتكزات للنفوذ الإيراني الدائم في الدول العربية، أي ان إيران وعبر إنفاق هذه الأموال وعبر دعم القوى والجماعات الطائفية الإرهابية، تجند عملاء دائمين لها في الدول العربية يدينون لها بوجودهم وينفذون أجنداتها، وهذا في حد ذاته ضمان لاستمرار النفوذ الإيراني.

هذه هي الأهداف الاستراتيجية الأساسية التي سعت إيران إلى تحقيقها. وبالطبع، في التفكير الاستراتيجي الإيراني، فإن تحقق هذه الأهداف يمهد الطريق امام الهدف الأكبر الذي تسعى اليه وهو فرض هيمنتها في المنطقة، وأن تكون لها الكلمة الأولى.

السؤال هو: هل نجحت إيران فيما أرادت تحقيقه؟ أم أن هذه الأموال الطائلة ذهبت هباء؟

الجواب: إيران نجحت إلى حد كبير في تحقيق أهدافها، وأموالها لم تذهب هباء.

قبل فترة، قال مسؤول إيراني ان إيران سوف تسترد كل دولار انفقته في المنطقة. وهو يقصد بالطبع ان هذه الأموال حققت المصلحة الإيرانية.

وهذا صحيح إلى حد كبير.

إيران نجحت في إغراق اكثر من دولة عربية في الفوضى والدمار، ونجحت في اضعافها، بل والسيطرة على القرار فيها، ونجحت في ترسيخ وجودها ونفوذها الدائم في هذه الدول.. وهكذا.

وكان من الممكن ان تحقق إيران نجاحا اكبر من هذا بكثير جدا، وتهيمن فعلا على مقدرات المنطقة، لولا تطوران كبيران طرآ في الأشهر الماضية:

الأول: مجيء الرئيس الأمريكي ترامب بموقفه الحازم المعادي لإيران ومشروعها، وانسحابه من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات القاسية، الأمر الذي يشكل ضغوطا هائلة على النظام الإيراني وتحجيما له.

والثاني: الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها إيران، والتي اظهر فيها الإيرانيون انفسهم رفضهم لهذه الاستراتيجية الإرهابية في المنطقة، ولإنفاق هذه الأموال الطائلة في الخارج بدلا من إنفاقها لتحسين الأحوال المعيشية.

ورغم هذين الأمرين، من المبكر جدا القول ان مشروع إيران الإرهابي في المنطقة فشل أو انتهى.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى