عندما يقوم شخص بإصدار فتوى يحرم فيها فعل معين ويكفر كل من يقوم بهذا الفعل وبدون دليل أو مؤيد فهذا هو قمة الابتداع والتجني والكذب على الله ورسوله الكريم «صلى الله عليه وآله وسلم» فمثلا تحريم زيارة قبور الأنبياء والأولياء والصالحين من قبل ابن تيمية هذا قمة الابتداع فلا دليل له على تحريم زيارة قبر النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » بل إن زيارة القبور أمر مشروع حتى كان النبي « صلى الله عليه وآله وسلم» يعلم الناس ماذا يقولون عند دخولهم المقابر.
حيث روى عن بريدة إنه قال ( كان رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ونسأل الله لكم ولنا العافية ) وهذا الحديث أخرجه مسلم وفيه دلالة على إن زيارة القبور أمر مشروع فكيف بزيارة قبر النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» ؟! والغريب بالأمر إن هذا الحديث ينقله ابن تيمية نفسه في كتابه ( الكلم الطيب ) في الصفحة 132 تحت عنوان ( فصل في دخول المقابر) حيث أفرد ابن تيمية فصل خاص بهذا الحديث يريد منه أن يعلم المسلمين ماذا يقولون اذا دخلوا المقابر ويؤكد ان هذه سنة من سنن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» !! ومع ذلك نجده يحرم زيارة القبور وكما قلنا بدون أي دليل يذكر بل ستند إلى رواية ( لاتشد الرحال إلا لثلاثة مساجد ) وهذه الرواية لا دليل فيها على حرمة زيارة القبور ونترك تبيان ذلك الأمر للمرجع المحقق الصرخي الحسني، حيث يقول في إحدى المحاضرات العقائدية التي أبطل فيها الفكر التيمي المارق، حيث قال سماحته ..
{{… لسنا في مقام الطعن والتضعيف للرواية ( لرواية لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ – صلى الله عليه {وآله} وسلم – وَمَسْجِدِ الأَقْصَى)، والمعنى ونفيه بل إنّنا نقول ونتمسّك ونؤكد على أهمية المسجد الحرام والمسجد النبويّ الشريف وخصوصيّتهما في الصلاة والدعاء والمكوث والاعتكاف والقصد وشدّ الرحال إليهما، كما لا ننكر أنْ تكون أيضًا خصوصيّة للمسجد الأقصى المبارك بل ورمزيّة كبيرة عند المسلمين والمستضعفين، لكن الكلام هل يستدلّ ويثبت من الروايات فعلًا عدم جواز شدّ الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى؟ (هنا الكلام وهذا هو الاستفهام) وهل يُفهم منها ويَثبت بها ما ترتّب من مصيبة كبرى وفتنة تكفيريّة قاتلة تبيح أموال وأعراض وأموال الناس بدعوى أنّ الحديث يدلّ على حرمة زيارة القبور ومنها قبر الرسول الكريم – عليه وعلى آله الصلاة والتسليم-؟ وأكتفي بذكر بعض الموارد التي تتضمن بعض الموارد الشرعيّة وغيرها تفنّد ما يستدلّ به جماعة التكفير على انتهاك حرمات مقابر المسلمين وأمواتهم بل وتكفير وقتل أحيائهم. ذكرنا أولًا وثانيًا، ووصلنا إلى: المورد الثالث: شرح صحيح مسلم للنووي ج9، حديث لا تشدّ الرحال، قال النووي/ الباب السادس: في زيارة قبر سيدنا ومولانا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم وشرف وكرم وعظم – وما يتعلق بذلك : وفي الباب مسائل: الأولى: إذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة فليتوجهوا إلى مدينة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – لزيارة تربته – صلى الله عليه وآله وسلم -، فإنّها من أهم القربات وأنجح المساعي (لاحظ، زيارة تربة النبي، تربة قبر النبي، تربة مدينة النبي أهم القربات وأنجح المساعي.) وأيضًا موجودة في الإيضاح في مناسك الحجّ للنووي...}}…
ومن هذا التوضيح والتفصيل والاستدلال للمرجع المحقق الصرخي يتضح لنا بطلان دعوى ابن تيمية في تحريم زيارة قبر النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» بشكل خاص وقبور الانبياء والأولياء والصالحين، بل نجد إن كلما طرحه ابن تيمية في هذا الشان هو عبارة عن ابتداع وكذب على الله ورسوله، وكل ذلك لا يهمنا فهذا رأيه الخاص بل ما يهمنا هو توظيف هذا الرأي وتسخيره لتكفير وقتل وسفك دماء المسلمين واستباحة المحرمات وهذا ما لايمكن السكوت عنه.