من المعروف إن وجوب الشيء يستلزم وجوب مقدمته، فمثلًا إذا وجبت الصلاة –أي حان وقتها– وجبت مقدمتها وهي الوضوء، كذلك الإصلاح عندما يصبح ضرورة وواجب يجب أن تكون هناك مقدمات للإصلاح ومقدمة الإصلاح تكون على شقين الأول، إن هناك ما يدعو للإصلاح من حيث وجود الفساد المستشري في المجتمع الذي يستلزم أن يكون هناك إصلاح، والشقِّ الآخر، من مقدمات الإصلاح هو التغيير أو السعي إلى التغيير حتى يحدث الإصلاح، ولا إصلاح بدون تغيير.
ولهذا نجد أن الإمام الحسين -عليه السلام- رفع شعار الإصلاح لأنه وجد إن الفساد وصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها وهذا الشق الأول من مقدمة الإصلاح، لذلك سعى إلى تحقيق الشق الثاني أو المقدمة الثانية وهي التغيير، فخرج إلى كربلاء الشهادة ليطالب بتغيير الحكم الدكتاتوري الدموي الفاسد، وهذه هي سيرة الأنبياء والرسل، فالله -سبحانه وتعالى- لم يرسل الأنبياء والرسل إن لم يكن هناك فساد فارسلهم من أجل إحداث تغيير وإصلاح حال المجتمعات الفاسدة.
وبما أن الحسين -عليه السلام- قد استشهد على طريق الإصلاح ومن أجل تحقيق مقدمة التغيير، وهذا يستلزم منا أن نجعل من شعائر الثورة الحسينية شعائر مطابقة تماماً لهذا المنهج الرسالي فالحسين -عليه السلام- لم يستشهد من أجل اللطم والبكاء وإقامة المجالس فهذه جوانب روحية وأخلاقية ودينية تمثل جانبًا من جوانب الشعائر الحسينية، لهذا يجب أن نجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية، كما يقول المرجع المحقق الصرخي (( … لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نُثبت فيها ومنها وعليها صدقًا وعدلًا الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين -عليه السلام- ورسالته ورسالة جدّه الصادق الأمين -عليه وعلى آله الصلاة والسلام- في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في إيجاد الصلاح والإصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار …)).
فمن كان يسعى إلى تحقيق الإصلاح يجب عليه أن يحدث التغيير الذي هو مقدمة الإصلاح فإن لم يحصل التغيير لا يمكن أن يكون هناك أي إصلاح ولا يمكن أن يكون تغيير أدوات الفساد نفسها أي تغيير مراكزها وعناوينها ونقول أحدثنا تغييراً ونجحنا في الإصلاح، بل التغيير يستلزم استبدال أدوات الفساد بأدوات صالحة مصلحة وبهذا يكون قد تحقق الإصلاح فعلاً .
https://a.top4top.net/p_1003djvba1.jpg