من حسنات أحداث 2011 المسماة بالربيع العربي أنها رفعت الأغطية عن جماعة الإخوان المسلمين، فانكشفوا بعد عقود من التستر والادعاء، وبدأت صورتهم عند الذين خدعوا تتضح، خاصة بعد أن تربع الهارب من السجن المدعو محمد مرسي على كرسي الحكم في مصر.
ورب ضارة نافعة، فقد كنا بحاجة إلى كشف ذلك التنظيم وإظهار حقيقته بعد أن استخدم أتباعه كل أساليب المواربة، وادعوا أنهم مصلحون ودعاة، ولا علاقة لهم بالتنظيمات الإرهابية، وتنصلوا من كل قاتل كان يتبع منهجهم، وتوزعوا على المدارس والجامعات والمساجد والجوامع، وبثوا دعايتهم، واختبؤوا خلف العمائم سبعين أو ثمانين عاماً، في كل البلاد استخدموا اسم «الإصلاح»، وكانوا يقصدون إصلاح دين الناس، فقد أشاعوا أننا جميعاً ينقصنا الفهم الصحيح للدين، وأطلقوا «دعاة» قالوا إنهم سوف يصححون مسارنا حتى نكون من الفئة الناجية من النار، وسموا بعض مراحلهم بالصحوة، وعابوا على كل المذاهب، واختاروا ما يحلو لهم، وشككوا في كل ما يخالف أهواءهم، وفجروا بعد أن سيطروا على الحكم في دولة أو اثنتين، وركبهم الغرور، وبانت حقيقتهم.
تنبه لهم بسطاء الناس، رأوا منهم صورة غير تلك الصورة السابقة، فقد تحولوا إلى قساة انتقاميين، وعنصريين متفردين بالمكانة والمناصب واحتلال السلطة، واتخذ الناس قرارهم.
في كثير من الدول كان الناس في مقدمة الرافضين للعنصرية الجديدة، وبدأ مسلسل إسقاط الإخوان، فانقلب ربيعهم إلى خريف، منذ صيف 2013 وحتى الآن تتساقط الأوراق التي كانت تغطي خزاياهم، وما أكثرها، وما أقبح مساوئها، ويكفيهم ما لصق بهم من أفعال مستنكرة تخالف كل ما كانوا يدعونه، فقد أثبتوا أنهم طلاب سلطة وليسوا أهل دعوة، وأنهم سعاة نحو شق صفوف المجتمعات وليس إصلاحها، وأنهم أمميون وليسوا حماة أوطان، وأنهم كما قيل عنهم من قبل يتبعون تنظيمات سرية وليسوا أحراراً، إرادتهم مقيدة، ورأيهم مصادر، ووطنيتهم منزوعة، ودينهم مفصل على مقاسهم، يستهدفون فئة من الناس، هم أتباعهم، وليس الناس كافة، فحق على الناس رفضهم، ثم حق عليهم مواجهتهم وإسقاطهم، فأزيحوا عن كراسي الحكم، وتناثروا في أصقاع الأرض، ومن كان منهم بعيداً عن الحكم حاول أن يلعب في بلاد أخرى، ومنحوا بدل الفرصة فرصاً، علّهم يهتدون ويتعظون، ولم يفعلوا، وها هم ما زالوا يتساقطون، فأتتهم الضربة هذه المرة من هناك، من أقصى المغرب، من موريتانيا التي قررت إزالة رجس الإخوان.