نون والقلم

حنان أبوالضياء تكتب: فيلم «Heiresses The» «الوريثتان»..المثلية بتوقيع مارشيللو مارتنيزي

تحفة فنية أنسانية تمتعك وجدانيا وتجعلك تعيد النظر فى العديد من أمور الحياة  وهو فيلم «Heiresses The» أو «الوريثتان» بطولة الممثلة آنا برون ومارجريتا ايرن وآنا إيفانوفا ونيلدا جونزاليز، والمشارك فى المسابقة الروائية الطويلة في الدورة الثانية لمهرجان الجونة السينمائي، والذى لفت له الأنظار وتجمعت حوله الأفئدة في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، وحصلت بطلته أنا برون على جائزة أحسن ممثلة، حيث لعبت بكل ثقة على معزوفة امرأة في الخمسينات من عمرها، تتراكم عليها الديون فتضطر لبيع أثاث ومقتنيات منزلها الفخم، والعمل كسائقة سيارة تنقل صديقاتها من الطبقة الوسطى مقابل أجر؛ وسبق للفيلم  الحصول على جائزة أفضل ممثلة من الاتحاد الدولي لنقاد السينما FIPRESCI، وجائزة ألفريد بارو للأفلام الأولى، كما فاز بالمنافسة الدولية في مهرجان جيونجو السينمائي الدولي في كوريا الجنوبية، و مهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي؛ ولقد اختارت الأكاديمية البارجويانية للفنون والعلوم السينمائية للمنافسة في فئة أفضل فيلم أجنبي ضمن جوائز الأوسكار.

 

وهذا الفيلم الذي يحمل توقيع مارشيللو مارتنيزي، أننا أما تجربة بالغة الثراء لأمرأة فى خريف العمر شيلا (آنا براون)، قد تلاحظ من بين بعض التفاصيل كونها امرأة مثلية أنفصلت عن شريكة حياتها، وربما أحد المشاهد فى نهاية الفيلم عندما تخبرها رفيقتها بأنها تعلم هويتها يجعلك تفسر بعض الأحداث التى كانت مبهمة بالنسبة لك فى البداية تلك السيدة «شيلا»، التى تعاني من تفاقم حالتها المادية إلى درجة أنها أصبحت مهددة بتغيير طبقتها الإجتماعية التي تنتمي اليها وهي الطبقة الوسطى الميسورة في باراجواي، الفيلم يطرح رؤية عميقة جداً لحالات إنسانية في مجتمع معقّد لا نعرف عنه الكثير ولكن من الممكن التواصل من خلال تلك  الكمية الكبيرة من الكلام الموحى والمبطن والبنود الثقافية التي لا تُلتقط معانيها بتلك السهولة.

الفيلم يحمل الكثير من الجماليات بدء من القضية التي اختارها المخرج ، والشرائح العمرية لبطلات العمل الى جانب ما تحتويه الصورة، المقدمة فى الفيلم والزوايا لأنها توحي من خلال القيمة البصرية بكل المضامين والافكار؛ وفى هذا الفيلم نجد أن المخرج يميل كبعض المخرجين الى اللقطات الطويلة والتي تتم داخلها عملية التوليف معتمدين حركة الكاميرا في تغيير الزاوية أو تغيير حجم اللقطة، وعملية التقطيع بالانتقال من كادر إلى كارد. وربما يرجع  هذا الى طبيعة الموضوع التى فرضت نفسها في كثير من الأحيان على اتباع هذا الاسلوب في اختيار اللقطات وحجمها وحركة الكاميرا وحركة الشخوص داخل الكادر ليحدد عملية الايقاع والزمن السينمائي؛ المتأثرة بالاداء الممثلين فعمليات مزج اللقطات وعمليات الظهور والاختفاء هي مؤثرات بصرية موحية بالفترات الزمنية التى تكون لحظية للوقت الحالى ولكنها عابرة للمستقبل ومستحضرة الماضى وخاصة أننا  نعيش حياة سيدتين تجاوزتا الخمسينات يجمعهما منزل واحد وأفكار مختلفة.

فنحن أمام شخصية  لاتغادر غرفتها  إلا لترسم لوحتها، وهي أيضا صاحبة طقوس منذ لحظة إستيقاظها على عكس الأخرى التي تدير حياتها، داخل ذلك المنزل الملئ بالأثاث الفخم والتحف والأنتيكات الموجودة فى جميع الأركان .

العلاقة التى تربط بين الاثنتين هى علاقة حميمية، يعيشان معا، وتتحكم رفيقتها فى كل شئ، ولكنها تدخل السجن لمدة شهر بسبب عدم سداد ديون ما، وخلال هذا الشهر تنقلب حياة البطلة الأخرى رأسا على عقب، رغم أن رفيقتها أحضرت لها مربية تجلس في المنزل ودربتها على كل التفاصيل المتعلقة بصاحبة المنزل، وفى أحد الايام وبعد استيقاظها من النوم تأتي الخادمة، لتخبرها أن جارتها، تريد منها ان تقوم بتوصيلها بسيارتها .البطلة لاتصدق كيف ستخرج إلى الشارع تقود السيارة، رغم عدم وجود رفيقتها بجوارها ومع أول خطوة لها بالسيارة مع جارتها العجوز، تتغير حياتها تماما، تجلس لتراقب هؤلاء السيدات العجائز فى خروجتهن اليومية للعب الورق بنادى يجمعهن، وتبدأ السيدات اللاتى تقلهن البطلة فى إعطائها مقابل مادى، إلى ان تلمح البطلة من تدير هذا النادى شابة قد تكون فى الثلاثينيات من عمرها، يافعة تمتلئ بالحيوية، ومنذ اللحظة الاولى تشعر بالانجذاب نحوها، وتقاوم تلك الرغبة؛ ولكن تلك الفتاة تفاجئها بعد زيارتها المنزلية لها أنها تعلم مايدور فى داخلها؛ وعلى عكس المتوقع تقوم شيلا (آنا براون) بالهروب وكأنها لاتريد أن يعرف الجميع سرها؛ وفى صباح اليوم تعود الى بيتها لتجد رفيقتها قد خرجت من السجن ولكن فى نفس الوقت سيضطرون الى بيع السيارة التى بالنسبة لها أخر تمسك بحياتها السابقة  .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى