أصيبت إيران بحالة هستيرية أفقدتها عقلها، فقد كانت الصفعة التي تلقتها قوية، كسرت هيبتها، وأهانت كبرياءها، وحطمت الصورة النمطية التي رسمتها حول نظام ملاليها، وتناثرت غطرستها في ساحة العرض العسكري بمدينة الأهواز.
تطايرت التصريحات من المسؤولين، وكل واحد ذهب في اتجاه، ويتهم من يحلو له من الدول، فسادت الأهواء، وسيطرت العشوائية، واستمروا على نفس النهج الذي يعيشون في ظل أوهامه، فكابروا على الحقيقة، رغم أنها واضحة وضوح الشمس، فهم يبحثون عن «شماعة»، ولا يريدون الاعتراف بأن هذا الذي حدث هو جزء مما جنت أيديهم، وتحدثوا عن معارضة في الخارج، واستدعوا سفراء هولندا والدنمارك وبريطانيا إلى وزارة الخارجية، وحملوا الدول الثلاث المسؤولية؛ لأنها تأوي بعض رموز المعارضة، رغم أنهم لا يملكون دليلاً، وليس لديهم ما يثبت أن المعارضة الخارجية وليست الداخلية هي التي نفذت الهجوم، ولم تنتبه مؤسسات ذلك النظام إلى أنها تدين نفسها قبل أن تدين الدول الأخرى التي لجأ إليها من هربوا من بطشهم، فإيران هنا تثبت بأن المعارضين لدولهم يعملون ضدها، وهي تستضيف قادة تنظيمات وخلايا إرهابية وتتفاخر بذلك، ولا تتردد في إعلان مساندتها لهم، وما عادت تنكر تدريبهم في معسكرات ميليشياتها بالعراق ولبنان، وتعتقد بأن غيرها يتبع نفس نهج العصابات المسلحة الذي تنتهجه.
وانتقل روحاني وغيره من الدول الأوروبية الثلاث إلى الولايات المتحدة، ثم إلى إسرائيل، في محاولة لكسب تأييد الرأي العام، وفجأة تحولوا عبر شخصيات أخرى من السلطة نحو دول المنطقة، فمنهم من ذكر اسم المملكة العربية السعودية، ومنهم من ذكر اسم دولة الإمارات، وخلطوا الحابل بالنابل، وثبت «شرعاً» أن «لوثة» عقلية قد أصابت خلايا نظام الملالي، فدولنا مشهود لها عبر تاريخها بأنها لا تتدخل في شؤون الآخرين، لا بفعل ولا بقول، ولم يسجل عليها في يوم من الأيام المشاركة عبر الأفراد والتنظيمات في أي عمل قد يوقع ضحايا أبرياء، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، بل لها سجلات ناصعة في رفض كل عمل يؤدي إلى ذلك، ومحاربة الإرهاب بكل أشكاله.
نظام إيران بحاجة إلى علاج فوري من مختصين ليعيدوا إليه الاتزان، ويصحح نظرته إلى الأمور، ولن يكون ذلك إلا بتغيير شامل للسياسة التي سار عليها طوال أربعة عقود.