تحمل راوية «دموع على جدران الحي» للكاتب الصحفي والروائي المصري سلطان الحجار، طابعا غامضاً منذ السطور الأولى، حيث نجح الكاتب في توظيف شخوص الراوية ووضعها في دائرة محكمة حيث تتداخل الأحداث وتصطدم ببعضها البعض من خلال سياقها الزمني والمكاني.
يمتلك الحجار قدرة فائقة على رسم المشاهد، الأمر الذي يسهل على القارئ متابعة مضمون الراوية كأنه يشاهدها على الشاشة، وهو ما يجعل من الراوية بطابعها الاجتماعي الغزير سهلة الدخول إلى عالم السينما أو الدراما، فهي تحكي قصة «سالم» الطفل البائس الذي يتعرض في صغره لقسوة زوجة الأب وهو يتجرع المرارة دون بوح ويتحمل الكثير من المصاعب، لكن سالم الذي يغدو مع الأيام شاباً يسافر إلى الخارج لاستكمال دراسته ليقع في صراع مرير مع الجنس الآخر فهو أراد الانتقام من أي فتاة تقع في طريقه كنوع من التشفي في زوجة الأب «دلال»، التي لاقى على يديها في طفولته كل أنواع العذاب من دون علم الأب.
ومع تطور أحداث الراوية، التي صدرت عن «دار نبطي للنشر»، وصمم لها الغلاف الفنان ورسام الكاريكاتير خالد جلل، يفجع سالم بموت أخته «مرام» من زوجة أبيه التي تلقى حتفها غرقاً، ثم موت الأب نتيجة فاجعته بهروب ابنته، ومن ثم موت صديقه «عيسى»، الذي توفي متأثراً بجراحه نتيجة حادث مدبر، وتتوالى المفاجآت بدخول سالم السجن لمدة ثلاث سنوات، ليجد نفسه وحيداً بعد خروجه يصارع قسوة الحياة، حتى نراه ينتصر في نهاية الرواية لحب قديم فيتزوج من حبيبته مهرة وينجب منها طفلة ويسميها «مرام» وفاء لأخته الغريقة، ولكن كيف ستكون علاقته بـ«دلال» التي تدخل إلى مصحة نفسية نتيجة فقدانها لابنتها، وهل يتسامح معها، أم يسعى للانتقام منها..؟.
الرواية مليئة بالتفاصيل المثيرة في لغة سردية عالية وحبكة درامية محكمة، وقد قدم للطبعة الأولى منها الأديب والكاتب الصحفي ناصر الظاهري بأسلوب ممتع وشائق، حيث قال «حملت رواية الصديق الكاتب سلطان الحجار في تلك الحقيبة المسافرة، حيث للقراءة متعة الاسترخاء، والكسل اللذيذ، فقضيت معها وقتين، وقتاً لمتعة القراءة، ووقتا لكتابة مقدمة لها.. الرواية عمل آخر، وجديد، ومختلف للكاتب والمبدع «الحجار»، بعد تجارب أدبية متنوعة، طرق بها باب الإبداع، وتركها لتعيش بين الناس، محدثة ذلك الضجيج».
بالأخير، ومما لا شك فيه، أننا أمام رواية تعالج قضايا اجتماعية وتغوص برغبة مجنونة في محاكاة الواقع وتجسيد مآسي الحياة لكنها تملك خصوصيتها وطابعها الحميم في نسج علاقات إنسانية متشابكة تنتصر لذاتها فتهزمها الحياة ويغيبها الموت، ومن بقي حياً فهو يسعى لاستعادة وجه الحياة من أجل عدم الوقوع في أخطاء الماضي.
يذكر أنه صدر للحجار ثلاث روايات من قبل، هي: «فراشة الميدان»، ناشطة سياسية»، و«الحاشية».