أربع مناسبات حلت ذكراها في الأسبوع الفائت، كلها تقريباً تحمل آلاماً وحسرة، فقط الذكرى الخامسة هي التي أشعت نوراً في سمائنا، وهي ذكرى توحيد الجزيرة العربية وقيام دولة قوية جامعة تحت اسم المملكة العربية السعودية.
قبل أيام كانت ذكرى اتفاقية كامب ديفيد، التي لا أخالف البعض من الذين يعتقدون بأنها كانت إيجابية، وأعادت كل الأرض المصرية إلى السيادة الوطنية بعد احتلال تجاوز عشر سنوات، ولكنني أراها من خلال منظور أوسع، فهي كانت بداية نهاية الالتقاء عند نقطة الحد الأدنى من التوافق العربي، ذلك الذي ولد خلال حرب 1973، والذي حققنا من خلاله انتصارات سياسية بعد العسكرية، وأصبحت إسرائيل محشورة في زاوية ضيقة، فهي دولة عنصرية حسب قرار الأمم المتحدة، وعلاقاتها بأغلب دول آسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية والوسطى مقطوعة، وكان يمكن أن نخرج بما هو أكثر من النتيجة التي حققتها اتفاقية كامب ديفيد، وأقلها استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة في 67 بما فيها القدس، وأراضي سوريا، ولكننا دخلنا مرحلة جديدة من المزايدات والعناد، وانقسم العرب إلى كتل، وأبعدت مصر عن الجسد العربي، وطفت على السطح قيادات هشة أخذتنا معها إلى الحضيض.
وحلت قبل أيام الذكرى الخامسة والعشرون لاتفاقية أوسلو، تلك الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي اخترعت عودة صورية وإدارة مدنية للأراضي التي سلبت وراح فداء لها الآلاف، وأصبحت في الضفة وغزة سلطة فرح بها البعض رغم أنها لا تملك أية سلطة، وكان الانقسام العربي الذي خلفه غزو صدام حسين للكويت في 1990، واصطفاف المنظمة معه هو ما جعل تلك الاتفاقية «قشة» يتعلق بها قادة النضال.
وأيضاً مرت ذكرى اشتعال الحرب الإيرانية العراقية، وسببها نظام في طهران يريد أن يصدر ثورته المذهبية، ونظام في بغداد صدق أنه يملك الجيش الرابع في العالم، وأن رئيسه هو قائد الأمة العربية، فإذا بنا نخرج بعد 8 سنوات بنتيجة واحدة، وهي عودة الأساطيل الأجنبية إلى الخليج العربي.
ويوم السبت، أي قبل يومين، كانت أربع سنوات كاملة قد مرت على الانقلاب الحوثي التابع لإيران في اليمن، والذي كان يستهدف منطقتنا بالكامل، ولولا يقظة قادة دولنا وتنبههم لخطورة المخطط الذي ينفذه الحوثي نيابة عن إيران لكان وضعنا اليوم مختلفاً، فجاءت «عاصفة الحزم» لتفشل المؤامرة.
تلك أحداث أوصلتنا إلى الوضع الذي تعيشه الأمة اليوم، فيها ذكرى تدعونا إلى التفكر ومراجعة النفس، وقد تنفعنا الذكرى.