في ظل المواقف الواضحة -إلى حد كبير- بين النظام الإيراني من جهة والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، فإن النبرة الإعلامية لدى كلا الطرفين تكاد تكون واضحة أيضاً بوضوح المواقف السياسية. بمعنى آخر، فإن وسائل الإعلام المقربة من الإدارة الأمريكية باتت على طول الخط تتحدث عن النظام الإيراني باعتباره متأثراً من دون شك من العقوبات الأمريكية عليه. وعلى النقيض من ذلك، يتحدث الإعلام الإيراني باعتبار أن الوضع الحالي هو وضع «الصمود»، وأنه مهما حدث فإنه سوف لن يخضع ولن يوافق على الدخول في مفاوضات نووية جديدة.
ولذلك، فإنه لم يعد من المجدي والنافع بشكل كبير الرجوع إلى ما تكتبه وسائل الإعلام لدى الطرفين، لأنها باختصار قد لا تقول الحقيقة الكاملة، أو قد تكون منحازة. ولذلك، بحثت يوم أمس عما يقال في إعلام الدول المحايدة أو تلك التي تربطها علاقات جيدة مع النظام الإيراني، لأقيم حقيقة الوضع. وكنت محظوظاً بأن حصلت على تقرير منشور بتاريخ أمس 17 سبتمبر على صحيفة «ذا إنديان إكسبرس»، كتبه «رامين جهانبيغلو» تحت عنوان «إيران على الحافة».
إن قراءة وجهة نظر الإعلام الهندي -القريب على صعيدي العلاقات والجغرافيا من إيران- فيما يتصل بالوضع الإيراني في ظل العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عليه أمريكياًّ هي من دون شك قراءة لوجهة النظر الأكثر دقة والأقرب إلى توصيف حقيقة الوضع. وقد ورد في التقرير المنشور أمس أن النظام الإيراني بات يعيش وضعاً يلقي بظلاله على مستقبله، حيث بدأت الشروخ والتصدعات تظهر في نظامه السياسي.
وأشار التقرير إلى أن القمة الثلاثية التي عقدت في العاصمة الإيرانية طهران بتاريخ 7 سبتمبر الجاري، والتي جاءت تحت عنوان «سوريا وإدلب»، لم تكن تعني النظام الإيراني كثيراً بقدر حاجته إلى مناقشة وضعه الاقتصادي الحرج، والمقبل على المزيد من التردي بحلول الرابع من نوفمبر القادم، حيث موعد سريان العقوبات الأمريكية على تصدير البترول الإيراني. ولم يفوت التقرير الإشارة إلى أن تاريخ الرابع من نوفمبر، والمحدد كموعد لبداية حظر تصدير البترول الإيراني، يحمل معنى رمزياًّ باعتباره نفس التاريخ الذي شن فيه الإيرانيون اعتداءً على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في طهران بعد سقوط الشاه عام 1979.
كما يذكر التقرير أيضاً أن النظام الإيراني راح يبحث عن طوق نجاة لدى الجارة باكستان، محاولاً إحياء مشروع خط أنابيب الغاز الذي كان من المقرر أن يربط إيران بباكستان، إلا أن الباكستانيين ليسوا متحمسين لهذا المشروع، ويفضلون في المقابل الشراكة مع الصين التي تقوم حالياًّ بتطوير خطوط أنابيب «غوادار» بين باكستان والصين.
ويختتم التقرير ما جاء فيه بالقول إن الوضع الحالي الذي يعيشه النظام الإيراني يجعله عرضة لإبرام صفقات خاسرة، كما أنه يدفعه إلى اتخاذ مواقف من قبيل التهديد باستئناف تخصيب اليورانيوم أو الانسحاب الكلي من الاتفاق النووي والتخلي عن العلاقات مع الأوروبيين.