هذه الأوصاف تنطبق كلها على جون كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق. هي ليست من عندي، بل هذا ما يقوله عنه هذه الأيام كتاب ومحللون أمريكيون وصحف ومجلات أمريكية في افتتاحياتها.
المناسبة بالطبع هي ما كشف عنه كيري نفسه مؤخرا من أنه في الفترة الماضية اجتمع مرات عدة مع وزير الخارجية الإيراني ظريف ليبحث معه كيفية الحفاظ على الاتفاق النووي بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق والعقوبات التي فرضتها على إيران.
الرئيس ترامب، ووزير الخارجية بومبيو ومسؤولون آخرون في الإدارة الأمريكية نددوا بما فعله كيري واعتبروا أنه قام بعمل غير مشروع يلحق ضررا بالسياسة الأمريكية تجاه النظام الإيراني.
لكن مواقع وصحفا ومجلات أمريكية ذهبت في موقفها مما فعله كيري أبعد من هذا بكثير.
بداية، لاحظت أن كيري في الأحاديث الصحفية التي أدلى بها وتحدث فيها عن لقاءاته مع ظريف وغيره من الإيرانيين تعمد الكذب بشكل سافر. كذب حين تحدث عن موقفه وموقف إدارة أوباما من إيران، وكذب حين حاول تقديم تبريراته للقاءاته هذه.
كيري في حديث مع السي ان ان قبل يومين، زعم أن إدارة أوباما حين وقعت الاتفاق النووي أرادت الضغط على إيران لاجبارها على تغيير ما يقومون به في المنطقة، والتوصل إلى اتفاق مثالي لأمن المنطقة وكانوا مستعدين لذلك، إلى أن أتى ترامب وانسحب من هذا كله.
هذا كذب صريح. كيري يعلم تماما أن إدارة أوباما تواطأت مع النظام الإيراني وتجاهلت تماما كل تهديداته الإرهابية ودوره التخريبي في المنطقة، واستبعدت القضية نهائيا من المفاوضات.
وكيري حين أراد تبرير لقاءاته مع الإيرانيين زعم أنه ناقش معهم الإجراءات التي تبدو إيران مستعدة لاتخاذها لتغيير الأوضاع في المنطقة.
حقيقة الأمر وباعترافه هو نفسه أن لقاءاته كانت بهدف مساعدة إيران على كيفية تحدي السياسة الأمريكية والالتفاف على العقوبات والحفاظ على الاتفاق؛ أي أنه يعمل لحساب النظام الإيراني مباشرة.
بل إنه ذهب أبعد من هذا حين اعترف بأنه نصح الإيرانيين بأن ينتظروا حتى يرحل ترامب. ويعني هذا مباشرة أنه يعتقد أن برحيل ترامب كما يظن انه سيحدث سوف تعود الأمور إلى ما كانت عليه، وانه ليس للنظام الإيراني ان يخشى شيئا وان يمضي قدما في مواقفه وفي إرهابه.
لم يخف كل هذا عن مجلات وصحف أمريكية وجهت اعنف انتقادات إلى ترامب، وذهبت إلى حد المطالبة بمحاكمته على ما اعتبرته عملا من أعمال الخيانة.
على سبيل المثال، نشر موقع «انفيستورز بيزنس» الأمريكي افتتاحية، اعتبر فيها أن ما فعله كيري خطيئة لا تغتفر، ويكاد يرقى إلى حد الخيانة. وذكرت الافتتاحية أن كيري انتهك بشكل سافر قانونا أمريكيا عمره 199 عاما هو القانون المسمى «قانون لوجان» الذي يحرم على المواطنين الأمريكيين القيام بأي عمل من أعمال السياسة الخارجية من دون ترخيص مسبق. وذكرت الافتتاحية أنه يجب محاكمة كيري بموجب هذا القانون.
وذكرت الافتتاحية أنه بغض النظر عن محاكمته من عدمه، فإنه قد تجاوز كل الخطوط الحمراء، ودافع عن أخطر نظام إرهابي في العالم وخدم عدوا للولايات المتحدة، وأضر بالمصالح والسياسة الأمريكية. وأضافت أن ما فعله كيري يؤكد أنه لا يجب أبدا أن يحتل شخص مثل هذا أي منصب رفيع بعد ذلك.
أيضا صحيفة «بوسطن جلوب» الأمريكية نشرت افتتاحية انتقدت فيها كيري بعنف ولنفس الأسباب تقريبا، وأشارت إلى إمكانية محاكمته، وقالت إنه في كل الأحوال، فإن أفضل ما يفعله كيري لنفسه وللبلاد هو أن يجلس في بيته ويغلق فمه تماما.
والأمر إذن أن كيري بما فعله تجاوز كل الاعتبارات الأخلاقية والسياسية، وقبل أن يكون عميلا للنظام الإيراني على حساب المصلحة الأمريكية نفسها.
والأمر العجيب أن تقارير تحدثت عن أنه يعتزم ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة القادمة.