الشرق الأوسط أو بلاد العرب، لا يمكن أن تمحى من الوجود، فهذه بديهة أزلية، على أردوغان وكل الذين يتبعون عقيدة الإخوان أن يفهموها، فهذه أرض الرسالات السماوية، منبع الإسلام وحضنه، وحفظته وحماته، هنا العرب، حملة الرسالة إلى يوم الدين، أمة راسخة متمكنة، تقهر الأنواء، وتحطم الأطماع، وتحفظ الأمانة التي كلفت بها.
هذه منطقة لم تقدر عليها أعتى جيوش الدنيا على مر العصور، وبإيمانها وقناعاتها وثباتها مزقت إمبراطوريات، وأبادت جحافل الغزاة، وأزالت الأحلام من رؤوس الذين ظنوا أنهم سيملكون العالم لو ملكوها، أرضها تقاتل الطغاة قبل ناسها، ومن لم يتعلم ننعش له ذاكرته، ونسرد قائمة بأسماء من مروا فأصبحوا ركاماً يستشهد به، هنا العرب، مقبرة جيش المغول، وبداية نهاية أوهام هتلر، وإذلال 14 ملكاً أوروبياً، وسجن لويس التاسع، ومحطمة إمبراطورية نابليون، ومزيلة عروش كسرى، وانحسار ملك الرومان، ومطفئة آخر شموع الغرور للذين كانوا يعتقدون أن الشمس لا تغيب عن مملكتهم.
نحن لسنا أرضاً طارئة، ولسنا شعوباً مجمعة، ولسنا أمة هدم للحضارات، بل نحن بناة الحضارة، وأرض التسامح والتعايش بين الأديان، وملتقى الثقافات، كنا قبل أن تكون هناك دولة في الأناضول، وكنا قبل أن يكون هناك سلاجقة، وكنا قبل أن يكون لبني عثمان وجود، فهؤلاء خرجوا من عباءة أهل الشرق الأوسط، المسلمون العرب، وعاشوا على تاريخهم وتراثهم ودينهم وثقافتهم، بعزم رجالهم، ولن يأتي إخواني خارج على إجماع الأمة ليخيفنا اليوم لأن الليرة التركية هبط سعرها مقابل الدولار، ولا يقول لنا بأن الدولة التي تقيم علاقات استراتيجية مع إسرائيل هي سدنا المنيع.
ليس بيننا من يكره تركيا، كلنا نريد الخير لها، ففيها شعب طيب ومحب، ولا نرضى أن يمسها شر، ولن نؤيد من يعاديها، فهي مثل إيران دون نظام الملالي.
ودول وسط آسيا وجنوبها، والدول الأفريقية، كلهم بالنسبة لنا عمق استراتيجي، وهي امتداد طبيعي وبحكم التاريخ والانتماء الجغرافي لديننا وثقافتنا، ومع ذلك لا تمثل أي دولة من تلك الدول بتلك المناطق نهايتنا لو أنها انتهت أو سقطت، خاصة عندما يتحكم فيها نظام مازال يعيش في الأزمنة الغابرة، ويظن أنه قادر على إخضاع أرض العرب له، مثل النظام الذي تحكمه العنصرية القومية والمذهبية في طهران، أو هذا الذي يريدنا أن نؤمن بفكر مؤلف المسرحيات «سيد قطب» أو الساعاتي «حسن البنا»، ونستبدل بهما عقائدنا ورموزنا التي لم تكن في يوم من الأيام حزبية أو صاحبة توجه قائم على التمييز الفئوي والإقصاء للآخرين.