جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بفصل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام في يونيو من العام الجاري، وتعيين الأمير بدر بن عبدالله، وزيراً لها، ليعكس حرص القيادة السعودية على تحقيق التنمية المجتمعية الشاملة، وتعزيز الهوية الثقافية السعودية والمحافظة عليها، تماشياً مع رؤية المملكة 2030م.
القرار الملكي شكل بداية حقيقية لانطلاق الثقافة السعودية نحو آفاق أرحب تخطت حدود المملكة، إلى مشاركات ناجعة في عدة مسابقات فنية وثقافية، إقليمية ودولية، وحصد العديد من الجوائز التي كشفت عن مواهب سعودية، كانت تنتظر الفرصة المناسبة للانطلاق والابداع.
قبل ذلك بنحو شهرين، شهد مركز الملك عبدالله المالي بالرياض افتتاح أول دار عرض سينمائي بحضور شخصيات سعودية وعالمية بارزة في مجال صناعة السينما، فيما اعتبر الدكتور عواد العواد وزير الاعلام هذه الخطوة بداية حقيقية لتطوير قطاع الترفيه بشكل عام، مبيناً أن ما حدث ليس فقط من أجل الترفيه، ولكنه رافد اقتصادي يدعو إلى تحفيز النمو والتنوع الاقتصادي.
في الداخل السعودي، رحب المثقفون بهذه القرارات، واعتبروها البداية الفعلية لإبراز وجه المملكة العصري بفنونها وآدابها وثقافتها وطاقاتها البشرية الخلاّقة.
وفي هذا الإطار، عززت الهيئة العامة للثقافة في المملكة دورها في تنشيط صناعة العمل الثقافي، ودعم المؤسسات الثقافية المختلفة العامة والخاصة، وتوفير برامج التدريب والتعليم للمثقفين والمواهب، بالإضافة إلى عقد الشراكات مع المنظمات الثقافية العالمية، من أجل تبادل الخبرات واكتساب أفضل الممارسات.
وعلى مدى العامين السابقين، نظمت الهيئة سلسلة طويلة من الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة في مناطق مختلفة من المملكة بمشاركة فِرَق فنية وثقافية محلية وعربية وعالمية تتنوع بين فعاليات أمسيات القراءة والشعر، وندوات أدبية، وعروض تراثية عالمية، وعروض الموسيقى والأوركسترا. كما حضر إلى المملكة كبار المطربين العرب لاحياء الحفلات الغنائية في المناسبات المختلفة.
وتحتفل المملكة سنوياً بعشرات المهرجانات الثقافية والأدبية للتراث والفنون والموسيقى وغيرها وكذلك مهرجانات المناطق والمدن المختلفة في الشرقية، وجدة، والمدينة المنورة، والطائف، والباحة، وحائل، وحفر الباطن. ويبقى مهرجان «الجنادرية» الوطني هو الأهم والأكبر، لما يشمله من جوانب تراثية في مجالات الفنون والعلوم والأدب، والتراث الشعبي، والسباقات المختلفة التي تجذب حوالي مليوني زائر كل عام.
كما يحوز مهرجان سوق عكاظ الثقافي على أهمية كبرى في خريطة الثقافة السعودية إثر عودته للحياة من جديد بعد انقطاع 12 قرناً، حيث افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة نيابة عن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ليكون أحد أهم مخرجات الاستراتيجية التنموية للمنطقة، وانطلقت أول دورة للسوق بعد عودته في عام 2007م.
وشهدت فعاليات الدورة الأخيرة تعاوناً لافتاً بين السعودية ومصر، حيث قدمت دار الأوبرا المصرية عروضاً متنوعة لفرقة الموسيقى العربية في مشاركة جسدت تواجد مصر على أرض سوق عكاظ كضيف شرف الدورة الأخيرة، الأمر الذي جاء تأكيداً على ما تحظى به العلاقات الأخوية بين السعودية وشقيقتها جمهورية مصر العربية من تميُّز في كافة المجالات.
دولياً، شاركت المملكة بـ15 فيلمًا في مهرجان السينما العربية بباريس، خاض ثلاثة منها غمار المنافسات العربية والعالمية النهائية بالمهرجان.