نون والقلم

السيد زهره يكتب: هل يمكن تأهيل إيران وقطر؟!

لسبب محدد، سأذكره بعد قليل، توقفت مطولا أمام الكلمة التي ألقاها الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والطاقة أمام مؤتمر «المحيط الهندي» الذي عقد في فيتنام مؤخرا.

أعني تحديدا الجزء الذي تحدث فيه عن الدعوة إلى إقامة نظام إقليمي، والموقف الذي عبر عنه بهذا الخصوص.

قال: «إن متطلبات إقامة نظام إقليمي شامل ومستدام ومقبول من جميع الأطراف يستلزم أولا بناء مناخ الثقة بأن تكف إيران عن جميع الأعمال المعادية، وإنهاء تدخلاتها في شؤون المنطقة طبقا لمبدأ (الأمن للجميع)، وأن تصبح دولة طبيعية، والأمر ذاته ينطبق على قطر بان تقوم بتنفيذ المطالب المشروعة للدول التي تكافح الإرهاب». وأضاف: «حقيقة الأمر أن نظامي طهران والدوحة يحتاجان إلى عملية تأهيل جذرية وعميقة كي يمكن مشاركتهما في ترتيبات أي نظام إقليمي حقيقي، فيجب أن يتخلص الأول من عنصريته وإرهابه وسيطرة منطق المافيا حتى بات (ولاية الإرهاب) يسبب المعاناة لجيرانه والعالم من ممارساته على مدار عقود، والثاني نظام يفتقد الرشد، ولا يمكن أن نترك طفلا يلهو بقنبلة بين الناس لمجرد أنه يمتلك ثمنها».

كما نرى، ما يقوله الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد هو أنه لا يمكن قبول مشاركة إيران وقطر في أي نظام إقليمي ما لم يكونا مؤهلين لذلك، وفق الشروط التي ذكرها.

كما ذكرت في البداية توقفت مطولا أمام هذا الموقف لسبب محدد، هو أنني أتابع بانتظام ما تكتبه مراكز الأبحاث الغربية الكبرى عن أوضاع منطقتنا العربية من تقارير وأبحاث، وبالتالي أدرك ما يمثله هذا الموقف من أهمية بالغة وفي أي إطار يندرج بالضبط.

هذه المراكز، ومن بينها مراكز على صلة وثيقة بدوائر صنع القرار في الغرب وتؤثر مباشرة على صياغة الاستراتيجيات والسياسات الغربية، لا تكتفي فيما تكتب عن منطقتنا بالرصد والتحليل فقط، بل تبادر بوضع التصورات والسيناريوهات لمستقبل المنطقة من مختلف الزوايا، وتضع اقتراحاتها بهذا الشأن أمام صناع السياسة في أمريكا والغرب عموما.

وبالطبع هي حين تفعل ذلك، فإنها تضع تصوراتها بما من شأنه خدمة المصالح الغربية، والمخططات الغربية، وبما يتوافق طبعا مع الانحيازات السياسية للقائمين على هذه المراكز.

في الأشهر الماضية، لاحظت أن هناك قضية كبرى تكاد تهيمن على اهتمامات أكبر مراكز الأبحاث في الغرب، هي قضية «مستقبل الأمن الإقليمي».

مراكز الأبحاث خصصت لهذه القضية عشرات التقارير والأبحاث التي تناقشها بتوسع من مختلف الجوانب، وتطرح تصوراتها لمستقبل الأمن الإقليمي في المنطقة عموما وفي منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص. مستقبلا سوف أعرض ما تطرحه هذه التقارير بتوسع لما لها من أهمية بالغة.

المهم هنا أنني لاحظت أن هناك شبه إجماع بين هذه المراكز حين تناقش القضية على أن هناك حاجة ملحة لإقامة: «نظام أمني إقليمي جديد في المنطقة».

بالطبع، هم يسهبون في الحديث عن مبررات قيام هذا النظام الجديد، ومنها مثلا أن مجلس التعاون فشل في حماية أمن المنطقة ولم يعد له دور أصلا، والدول العربية عموما فشلت في طرح صيغة لأمن المنطقة.. وهكذا.

المهم أنهم جميعا يطرحون هذا كي يصلوا إلى نتيجة محددة هي أن إيران يجب أن تكون عضوا أساسيا في هذا النظام الأمني الإقليمي الجديد. ويعني هذا بداهة أن إيران يمكن أن تكون لها اليد العليا في هذا النظام. وهم يطرحون هذا النظام الأمني الإقليمي الجديد كي يكون بديلا عن مجلس التعاون الخليجي أصلا.

على ضوء هذا، تتضح الأهمية البالغة للموقف الذي عبر عنه الدكتور الشيخ عبدالله بن احمد. هو موقف عربي واضح من هذه الأطروحات المشبوهة المطروحة.

ويبقى السؤال: هل يمكن تأهيل النظام الإيراني والنظام القطري كي يكونا عضوين في أي نظام إقليمي جديد؟

الجواب هو: لا. لقد فات أوان ذلك. أعني أن النظام الإيراني والنظام القطري تجاوزا بمراحل أي إمكانية أو احتمال لأن يتغيرا جذريا بحيث يصبحان أهلا للانضمام إلى أي نظام إقليمي مقبول.

نقلا عن صحيفة اخبار الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى