نون والقلم

السيد زهره يكتب: البحرين ومصر .. قمة التاريخ والمصير الواحد

حين يزور الرئيس عبدالفتاح السيسي البحرين ، فانه لا يحل ضيفا، وانما يحل في وطنه الثاني، والقيادة البحرينية تستقبله على هذا الأساس.

وحين يزور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مصر، فانه لا يزورها كضيف، وانما يزور وطنه الثاني، ومصر تستقبل جلالته دوما على هذا الأساس.

يلخص هذا بدقة حال العلاقات البحرينية المصرية وما وصلت إليه.

العلاقات بين البحرين ومصر ليست كالعلاقات بين أي بلدين عربيين.. هي علاقات فريدة جدا.. هي علاقات أخوة، وتاريخ، ومصير واحد، وعلاقات استراتيجية بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان.

العلاقات البحرينية المصرية هي باختصار نموذج مثالي لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول العربية الشقيقة.

ليس هذا كلاما انشائيا، بل هو حقيقة تاريخية وواقع حالي.

ووصول العلاقات البحرينية المصرية إلى هذا المستوى لم يأت من فراغ. هو محصلة عوامل كثيرة جدا.

قبل كل شيء، هناك تاريخ طويل جدا من العلاقات الوثيقة بين البلدين، ومن التفاعل الحضاري المشترك.. تاريخ يمتد إلى عقود طويلة.

منذ بواكير النهضة الحديثة في التعليم والثقافة والفكر السياسي والانفتاح الاجتماعي، كانت البحرين ومصر معا في كل مراحل هذه النهضة، تعاونا، وتفاعلا مشتركا. لم يكن هذا التفاعل الحضاري قصرا على الجوانب الرسمية، وانما كان له دوما بعده الشعبي البارز.

وقد انعكس هذا التعاون والتلاحم الحضاري والثقافي الرسمي والشعبي على العلاقات السياسية بين البلدين. على امتداد هذا التاريخ الطويل، كان هناك دوما تناغم وتفاهم سياسي كبير. لا تحفظ الذاكرة أي مشكلة أو خلاف أو أزمة من أي نوع حدثت بين البحرين ومصر في أي عهد أو مرحلة تاريخية. ونحسب ان هذه حالة استثنائية جدا في العلاقات بين الدول العربية.

وفي السنوات الماضية، شاءت الظروف والأقدار التاريخية، ان تواجه البحرين ومصر ظروفا وتحديات وأخطارا، تكاد تكون واحدة في طبيعتها وخطورتها.

البحرين تعرضت لمؤامرة طائفية انقلابية مدعومة من جهات ودول اجنبية ارادت اسقاط الحكم الوطني واغراق البلاد في الصراعات والفوضى الطائفية وتدمير الدولة.

ومصر تعرضت لمؤامرة شبيهة بالضبط كان هدفها تدمير الدولة المصرية وتمزيق البلاد واغراقها في الفوضى.

وشاءت الأقدار ان تلعب القيادة في البحرين ومصر دورا تاريخيا مشهودا ليس فقط في افشال المؤامرة وحماية الوطن، ولكن أيضا في حماية الوطن العربي كله.

قيادة البحرين حين تصدت للمؤامرة وافشلتها كانت حائط صد ودرع حماية لكل دول الخليج العربية التي كان يراد للمؤامرة ان تمتد اليها.

والقيادة في مصر حين حمت الدولة المصرية وأنهت حكم الاخوان الأسود، حمت كل الدول العربية من مخطط رهيب لتمزيق وتدمير كل دولنا.

على ضوء هذا، لم يكن غريبا ان يكون لدى جلالة الملك حمد بن عيسى والرئيس عبدالفتاح السيسي رؤى ومواقف واحدة إزاء مختلف القضايا العربية، وإزاء كيفية مواجهة التحديات والأخطار التي تواجه البلدين والأمة العربية، وكيفية حماية الأمن القومي العربي.

والأمر المؤكد انه مما عزز من هذه الوحدة في الرؤى والمواقف بين جلالة الملك والرئيس السيسي العلاقات الأخوية الوثيقة بين الزعيمين. المتتبع للقاءات الزعيمين الكثيرة، يلاحظ بسهولة انها تتعدى كل الرسميات والاعتبارات السياسية البروتوكولية العادية.

حين يتحدث الرئيس السيسي عن جلالة الملك أو عن مملكة البحرين، يتحدث بكل الحب والحميمية بعيدا عن أي رسميات.

وحين يتحدث جلالة الملك عن الرئيس السيسي وعن مصر، فانه يتحدث كأحد أبناء مصر.

لا يمكن ان ننسى لجلالة الملك كيف حرص شخصيا وبعيدا عن الرسميات على ان يدعم السياحة في مصر في وقت صعب مرت به.

ولا يمكن أن ننسى لجلالة الملك قولته الشهيرة في فترة الحملة الانتخابية الرئاسية في مصر: انني لو كان لي حق التصويت في الانتخابات لأعطيت صوتي للرئيس السيسي.

هذا اذن، وباختصار شديد جدا هو حال العلاقات بين البحرين ومصر بمناسبة زيارة الرئيس السيسي الحالية.

ولهذا، حين يجتمع جلالة الملك مع الرئيس السيسي في لقاء القمة، فلن تكون هذه مجرد قمة لإعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية بتوقيع اتفاقيات تعاون مشتركة، ولن تكون مجرد قمة لتبادل الرأي حول قضايا الأمة والموقف من التحديات التي تواجهها.. هذه قمة التاريخ الطويل الجميل الحافل لعلاقات حضارية حميمة، وقمة المصير الواحد.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى