كل الدول العربية والإسلامية تقريبا سارعت بإعلان تأييدها للسعودية في موقفها من التدخلات الكندية والإجراءات التي اتخذتها ضد كندا. جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أعلنتا أيضا تأييد السعودية وإدانة ما تعرضت له.
هذا الموقف العربي الإسلامي طبيعي جدا، ولم يكن متصورا أن تتخذ الدول العربية والإسلامية موقفا غير هذا.
أسباب ذلك كثيرة، وفي مقدمتها أن هذا هو ما تحتّمه اعتبارات التضامن الطبيعي الواجب مع دولة عربية إسلامية تعرضت لموقف ظالم، واتخذت إجراءات دفاعا عن سيادتها واستقلالية قرارها.
وغير هذا، وكما ذكرنا في مقال سابق، فإن السعودية حين اتخذت هذا الموقف كانت تدافع في الوقت نفسه عن كل الدول العربية والإسلامية في مواجهة التدخلات الأجنبية في شؤونها وأجندات التخريب وراء هذه التدخلات.
وقبل هذا كله وبعده، فالسعودية على حق كامل في موقفها وما اتخذته من إجراءات، ومن الطبيعي أن تقف معها كل الدول العربية والإسلامية.
دولة وحيدة خرجت عن هذا الإجماع العربي والإسلامي، واتخذت موقفا شاذا تماما، هي قطر.
بمجرد أن أعلنت السعودية موقفها وإجراءاتها ضد كندا، سارع النظام القطري وأصدر على الفور بيانا قال فيه إن تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني التي أعلن فيها تأييد الموقف السعودي لا تمثل قطر. ويعني هذا بداهة أن النظام في قطر يقول إن موقف كل الدول العربية والإسلامية التي أيدت السعودية مرفوض من جانبه.
لكن ما هو موقف قطر إذن؟ البيان الذي أصدرته الخارجية القطرية أكد أن «علاقات قطر مع كندا علاقات وطيدة». ويعني هذا بالطبع أن قطر تعلن وقوفها الكامل مع كندا في موقفها وتؤيد تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية السعودية. وكي تؤكد هذا الموقف، أعلن البيان أن من حق أي دول أو منظمة أن تتخذ هذا الموقف الذي اتخذته كندا.
كما نرى، موقف قطر شاذ تماما عن مواقف كل الدول العربية والإسلامية.
قد يقول البعض إن قطر معذورة، فالسعودية والدول العربية الثلاث الأخرى تفرض عليها مقاطعة، ومن الطبيعي أن يكون هذا موقفها. لكن على الأقل كان بمقدور نظام قطر أن يصمت كي يحفظ لنفسه خط الرجعة.
لنا أن نقارن هذا الموقف القطري الشاذ بموقف دولة عظمى مثل روسيا.
مع أنه لم يكن مطلوبا من روسيا أن تتخذ موقفا علنيا من الأزمة بالضرورة، إلا أن الخارجية الروسية حرصت على أن تصدر بيانا يستحق التقدير والإشادة، تعلن فيه بلا أي لبس تأييد روسيا للسعودية وموقفها وتدين ما فعلته كندا.
البيان الروسي لم يكتف بهذا، بل حرص على تقديم حيثيات دامغة وأسباب حاسمة لتأييد السعودية وإدانة كندا.
البيان أكد الجوانب الثلاثة الآتية:
1- أن روسيا ترفض محاولات تسييس قضايا حقوق الإنسان -على نحو ما فعلت كندا- وأن أي حديث عن حقوق الإنسان يجب أن يأخذ في الاعتبار الخصائص والتقاليد القوية للدول التي تبلورت على مدار فترة تاريخية طويلة.
2- أن السعودية لديها كل الحق في أن تحدد مسار إصلاحاتها الداخلية بنفسها، والسعودية التي سلكت طريق التحولات الاجتماعية والاقتصادية الضخمة تتمتع بكامل حقها السيادي في تحديد كيفية المضي قدما في هذا المجال.
3- أن روسيا ترفض «النبرة الآمرة من موقع التفوق الأخلاقي المزعوم بأي حال من الأحوال»، في إشارة كطبعها إلى ما فعلته كندا.
تأمل عزيزي القارئ هذا الموقف الروسي القوي والمحترم، وقارنه بموقف النظام القطري.
كمواطن عربي، شعرت بالأسى والخجل من أن يكون هذا هو موقف دولة عربية رغم الأزمة الحالية.
روسيا، الدولة الأجنبية كانت في موقفها «عربية» مؤيدة بقوة للسعودية.
وقطر الدولة العربية كانت في موقفها «كندية» معادية للسعودية.